الخميس 15 سبتمبر 2022 - 11:35

لم تكن خطوة الولايات المتحدة الامريكية لترفيع تمثيلها الدبلوماسي في السودان من القائم بالأعمال إلى سفير، بعد تعيين جون غودفري كأول سفير لواشنطن لدى الخرطوم منذ 1996، خطوة أتت من فراغ ، كان لامريكا رؤيتها الثاقبة وقراءتها السليمة للمشهد السياسي السوداني ومستقبل علاقتها مع السودان بعد شعورها بالقلق من امكانية تمدد العلاقات السودانية الروسية واتساع رقعتها في الآونة الأخيرة، والإنهيار الكامل للدولة بقيادة عسكرية تجرها الى الهاوية وتأبى الاعتراف بالفشل وتتشبث بمواقفها العرجاء الخاطئة.

فكان لابد من ان تستعجل امريكا بخطوة تعزز علاقاتها بالسودان وتحرس لها مصالحها وتشكل لها أرضية تنطلق منها الى آفاق علاقات أرحب في مقبل الأيام ، بالاضافة الى انها سئمت من انتظار الحلول السياسية لدعم التحول الديمقراطي ، واختارت ان تكون أقرب من الحل الداخلي فوجود سفير في هذا التوقيت يختصر عليها طريقاً طويلاً ويسهل لها كثيراً من المهام لطالما انها تدعم رغبة وارادة الشعب في التغيير.

ومخطيء من كان يظن ان تعيين سفير للسودان في ظل الانقلاب يمنح العسكر الشرعية والاعتراف بدولتهم ، جاءت الخطوة لأن امريكا تبحث جاهدة عن استقرار سياسي في السودان يضمن لها استقرار في افريقيا وعدد من الدول المجاورة ، وتدرك ان هذا الاستقرار لن يتحقق إلا بتحقيق عملية التحول الديمقراطي وجعله واقعاً معاشاً، ولن تتعامل امريكا مع نظام باطش اضافة الى سجله الذي يحوي جرائم ضد الانسانية وجملة من حوادث القتل والاعتداءات والاعتقالات السياسية.

لهذا أكد أمس رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جريجوري ميكس وكبير الجمهوريين مايك ماكول، إنّ التعاون بين حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية والسودان لن يحدث إلا بعد تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
وأضاف بيان صادر من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي كرر دعواتنا للمساءلة عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وذكر مكس ومايك، أن وصول السفير الأمريكي جون جودفري إلى الخرطوم، يشير إلى تعميق العلاقات بين شعب السودان والولايات المتحدة
وأكد البيان، أن مشروع الدستور الانتقالي للمحاميين السودانيين يساعد في بناء ترتيب حكم مدني جديد شامل بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 في السودان وتابع البيان نرحب بمشروع إطار الدستور الانتقالي لنقابة المحامين السودانيين.

وتنسف هذه المواقف احلام القادة العسكريين الذين ظنوا ان تعيين سفير في عهدهم هو اعتراف لامريكا بحكهم حتى بعض الذين يعانون من العمى السياسي من عناصر المخلوع تعجلوا في تحليل وسرد خاطئ لهذه الخطوة وفسروه انتصار للعسكريين.

وصدق السفير السابق في وشنطن نور الدين ساتي الذي قال انه لا يمكن النظر الى تعيين سفير للولايات المتحدة الامريكية في السودان باعتباره هدية للنظام العسكري الحاكم أو تزكية لسياسته، بقدر ما هو محاولة جديدة وجادة لفتح قنوات الاتصال بين صناع القرار الأمريكي وطموحات الشعب السوداني.
لهذا فإن علاقة السفير الأمريكي هي علاقة دولة تريد ان يكون لها تمثيلاً دبلوماسياً مع الشعب مباشرة ، ترجم ذلك السفير بزياراته الاجتماعية والانسانية التي دشن بها عمله في السودان لذلك لابد أن يحرص الشارع السوداني على استمرار مليونياته حتى يسهل لجون غودفري مهمته فالتقارير السياسية وترجمة مايريده الشعب لا يفلح في صياغته إلا الشعب نفسه ، الذي أدركت امريكا وغيرها من الدول العظمى عظمته وهي تعلم ان الشعب السوداني بثورته المجيدة هو الذي يحدد شكل ومضمون هذه العلاقة لأن الذي يريده، لا يتحقق إلا بارادته وثورته وسلميته ، كان ذلك اليوم او غداً .
طيف أخير:
وأقسى ما يمرَّ بك أن تفهم الأشياء في وقت مُتأخر
الجريدة