الجمعة 18 مارس 2022 - 5:47
سورة التوبة
- قولُهُ تَعَالَى:}وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ{ الْآيَةَ ]75[:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بن سهل الحوني قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بن رفاعة السلمي عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: أَنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ حَاطِبٍ الْأَنْصَارِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ«، ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى:»أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِثْلَ نَبِيِّ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ تَسِيلَ مَعِيَ الْجِبَالُ فِضَّةً وَذَهَبًا لَسَالَتْ«. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَئِنْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالًا لَأُوتِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالًا«، فَاتَّخَذَ غَنَمًا فَنَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ فَتَنَحَّى عَنْهَا، فَنَزَلَ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَتِهَا حَتَّى جَعَلَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ وَيَتْرُكُ مَا سِوَاهُمَا، ثُمَّ نَمَتْ وَكَثُرَتْ حَتَّى ترك الصلاة إلى الْجُمُعَةَ، وَهِيَ تَنْمُو كَمَا يَنْمُو الدُّودُ حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:»مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟«فَقَالُوا: اتَّخَذَ غَنَمًا وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ وَأَخْبَرُوهُ بِخَبَرِهِ، فَقَالَ:»يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ«ثَلَاثًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-}خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا{وَأَنْزَلَ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ وَرَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَكَتَبَ لَهُمَا كَيْفَ يَأْخُذَانِ الصَّدَقَةَ، وَقَالَ لَهُمَا: مُرَّا بِثَعْلَبَةَ وَبِفُلَانٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخُذَا صَدَقَاتِهِمَا، فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا ثَعْلَبَةَ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ وَأَقْرَآهُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَةٌ، مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ، مَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرَغَا ثُمَّ تَعُودَا إِلَيَّ، فَانْطَلَقَا وَأَخْبَرَا السُّلَمِيَّ، فَنَظَرَ إِلَى خِيَارِ أَسْنَانِ إِبِلِهِ فَعَزَلَهَا لِلصَّدَقَةِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُمْ بِهَا، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: مَا يَجِبُ هَذَا عَلَيْكَ وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَهُ مِنْكَ، قَالَ: بَلَى خُذُوهُ فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ إِبِلِي. فَأَخَذُوهَا مِنْهُ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ صَدَقَتِهَا رَجَعَا حَتَّى مَرَّا بِثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: أَرُونِي كِتَابَكُمَا حَتَّى أَنْظُرَ فِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ:»يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ«قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا، وَدَعَا لِلسُّلَمِيِّ بِالْبَرَكَةِ، فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ وَالَّذِي صَنَعَ السُّلَمِيُّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-}وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ{إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:}بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ أَقَارِبِ ثَعْلَبَةَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى ثَعْلَبَةَ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النبيّ عليه الصلاة والسلام فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ صَدَقَتَهُ فَقَالَ:»إِنَّ اللَّهَ قَدْ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ«، فَجَعَلَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»هَذَا عَمَلُكَ، قَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي«، فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَوْضِعِي مِنَ الْأَنْصَارِ فَاقْبَلْ صَدَقَتِي، فَقَالَ: لَمْ يَقْبَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا أَقْبَلُهَا؟ فَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْبَلْ صَدَقَتِي، فَقَالَ: لَمْ يَقْبَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا أَبُو بَكْرٍ أَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ؟ فَلَمْ يَقْبَلْهَا، وَقُبِضَ عُمَرُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ثُمَّ وَلِيَ عُثْمَانُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ صَدَقَتَهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَقْبَلْهَا وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَأَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ؟ فَلَمْ يَقْبَلْهَا عُثْمَانُ، فَهَلَكَ ثَعْلَبَةُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
- قولُهُ تَعَالَى:}الَّذ