الأربعاء 5 أكتوبر 2022 - 6:13
مناظير الاربعاء 5 اكتوبر، 2022

manazzeer@yahoo.com

* إنشغلنا وشغلنا أنفسنا بثروات لا تدوم مثل البترول والذهب واوهمنا أنفسنا بأن تحقق لنا الثراء والتنمية والتطور، وأهملنا الثروة الحقيقية التي لا تنضب ولا تفني، فلم نحصد الا الخراب والمجاعات وتدمير الغابات والبيئة ونشر السموم.

* حبانا الله بنعم كثيرة ولكنه ابتلانا بساسة انانيين أغبياء جهلة سطحيين، فظللنا رغم خيراتنا الكثيرة فقراء نتكفف الشعوب ونهدر كرامتنا على بلاط الحكام والسلاطين!


* لم نكن بحاجة الى الحفر في اعماق الارض وتفتيت الصخر لنعثر على الكنز الذي حبانا به الله، انه يجرى بين اقدامنا على مد البصر منذ الاف السنين ولكننا نتجاهله ونستخف به، ولو نظرنا إليه مجرد نظرة عابرة واعطيناه بعض الاهتمام، لكنا الآن في مصاف الدول الكبرى .. نمد يدنا لنُعطي لا لنتسول، نأمر ولا نؤمر، نشارك في إرسال البعثات الأممية لمساعدة الآخرين وليس استجداء العالم ليرسلها لنا .. نسمو فوق الجميع، ولا نركع لمخلوق .. ولكن !

* لو كان لدينا حاكم واحد عاقل لأدرك أن النعم التي حبانا بها الله، والاهتمام بها وتطويرها هي السياسة الحقيقية، وبقى في الحكم بإرادة وتأييد ومحبة الشعب حتى وهو في القبر، بدلا من الموت وهو على كرسي الحكم، تنهال عليه كل يوم لعنات الملاييين!

* قبل أكثر من ستين عاما أوصى مؤتمر علمي بجامعة الخرطوم حضره علماء اجانب وسودانيون مميزون، بالاستغلال الاقتصادي للثروة الحيوانية الضخمة التي حبانا بها الله، وجزم بأننا سنصبح في غضون ثلاثة عقود من الزمان أكبر منتج ومصدر لمنتجات الثروة الحيوانية في أفريقيا واغنى أقطارها لو نفذنا التوصيات، ولكننا كالعادة قفلناها في الادراج بأمر الساسة الاغبياء، وانتظرناها لتخرج من الادراج من تلقاء نفسها وتتحول الى خطط ومشروعات واستثمارات، فظللنا غارقين في وحل السياسة والصراعات ومستنقع الفقر!

* الاستغلال الاقتصادي للثروة الحيوانية ليس لغزا او شفرة تحتاج الى ساحر ليفك طلاسمها وانما مجموعة افعال على ارض الواقع: مكافحة الأمراض، تطوير المراعي، تحسين النوع، زيادة الانتاجية، التصنيع، وإيجاد اسواق خارجية ثابتة. صحيح أنها تحتاج الى تخطيط وصبر وجهد ومال .. ولكن ليس هنالك شيء بلا ثمن!

* إذا إخذنا الماشية فقط (البقر، الضأن، الماعز، والجمال) فإن عددها في بلادنا اليوم لا يقل عن (100 مليون) رأس ــ حسب أكثر الإحصاءات تحفظا ـ ولكنها للأسف بلا قيمة اقتصادية بسبب النظرة التقليدية وتفشى الأمراض الوبائية وسوء النوعية وضعف الجودة وضآلة الإنتاجية ، بينما كان بإمكانها ان تجعلنا اغنى الاغنياء لو انفقنا عليها بعض الوقت والجهد والمال مثل الاذكياء الذين فعلوا ذلك وسادوا بفضلها العالم!

* تعالوا نجري مقارنة بسيطة بين بلادنا ودولة صغيرة مثل هولندا حتى نفهم قيمة الكنز الذى يوجد بين ايدينا ولا نعرف قيمته!

* تلك الدولة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن (16 ألف ميل مربع فقط) ولا يزيد عدد ماشيتها عن 16 مليون رأس فقط، هي أكبر المصدرين في العالم لمنتجات الألبان واللحوم والتي ترميها في البحر أحيانا، أو تتصدق بهم على دول أخرى أحيانا كثيرة عندما يفيض الانتاج عن حاجة السوق المحلى والخارجي .. وكانت في يوم من الأيام ترسل لنا معونة نطلق عليها اسم (المعونة الهولندية)، توقفت بسبب جرائم النظام البائد!

* ومثل هولندا، نيوزيلندا، البرازيل، الارجنتين، الدنمارك، أوروجوى، ودول كثيرة أخرى يحكمها اذكياء لا اغبياء مثل حكامنا، وبالطبع ليس هنالك مجال للمقارنة مع استراليا والولايات المتحدة التي شيدها في الأصل (رعاة البقر) كما نرى في افلام (الكابوى) .. شاهد أي فيلم كابوى ستعرف كيف نشأت ونهضت وتطورت أمريكا وسادت العالم حتى عند اكتشاف الذهب والبترول ..

* لم يتهافتوا لبيع الذهب والبترول واهملوا الثروات الحية، ولكن إستخدموهما لتطوير الزراعة والثروة الحيوانية وبناء المدن الصناعية الضخمة، ولم يتركوا الثروة الحيوانية تموت والمزارع تحترق .. وهل هنالك عاقل يعتمد على ثروة ستنضب يوما ويهمل التي تتناسل وتتكاثر وتعطى الى الأبد .. إلا نحن؟!

* نحن، الذين حبانا الله بالمساحات الشاسعة والانهار والأمطار، والاعداد الضخمة من النعم والثروات التي تمشى بيننا فوق الأرض، أهملناها ولم نفكر في تنميتها واستغلالها اقتصاديا، وجرينا نبحث عن الثروات المدفونة تحت الارض وعندما وجدناها أضعناها سدى، لا استفدنا منها في تنمية النعم والثروات التي حبانا بها الله وتطوير بلادنا، ولا تركناها للأجيال القادمة تنتفع منها بشكل افضل، ولا نزال سادرين في جهلنا منقادين لساسة اغبياء لا يرون شيئا سوى الكراسي، ولا يجيدون شيئا سوى الصراع!




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619