السبت 28 أغسطس 2021 - 21:17
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
‏}
وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{ الآية ]102[: البقرة


أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العزيز القنطري قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل الحدادي قال: أَخْبَرَنَا أَبُو يزيد الخالدي قال: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بن إبراهيم قال: حدثنا جرير قال: أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ بِكَلِمَةِ حَقٍّ فَإِذَا جَرَّبَ مِنْ أَحَدِهِمُ الصِّدْقَ كَذَبَ مَعَهَا سَبْعِينَ كَذْبَةً فَيُشْرِبُهَا قُلُوبَ النَّاسِ، فَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ سُلَيْمَانُ، فَأَخَذَهَا فَدَفَنَهَا تَحْتَ الْكُرْسِيِّ؛ فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ قَامَ شَيْطَانٌ بِالطَّرِيقِ فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كنز سليمان المنيع الَّذِي لَا كَنْزَ لَهُ مِثْلُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: تَحْتَ الْكُرْسِيِّ فَأَخْرَجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا سِحْرٌ. فَتَنَاسَخَتْهُ الْأُمَمُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ سُلَيْمَانَ }وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ{
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كتبوا السحر والنارنجيات عَلَى لِسَانِ آصِفَ: هَذَا مَا عَلَّمَ آصِفُ بْنُ بَرْخِيَا الْمَلِكَ ثُمَّ دَفَنُوهَا تَحْتَ مُصَلَّاهُ حِينَ نَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ، وَلَمْ يَشْعُرْ بذلك سليمان؛ ولما مَاتَ سُلَيْمَانُ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ مُصَلَّاهُ، وَقَالُوا لِلنَّاسِ: إِنَّمَا مَلَكَكُمْ سُلَيْمَانُ بِهَذَا فَتَعَلَّمُوهُ، فَأَمَّا عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِلْمَ سُلَيْمَانَ، وَأَمَّا السَّفَلَةُ فَقَالُوا: هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ، وَأَقْبَلُوا عَلَى تَعَلُّمِهِ، ورفضوا كتب أنبيائها فَفَشَتِ الْمَلَامَةُ لِسُلَيْمَانَ، فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ حَالُهُمْ حَتَّى بَعَثَ الله محمدًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنزل اللَّهُ، عُذْرَ سُلَيْمَانَ عَلَى لِسَانِهِ وَأَظْهَرَ بَرَاءَتَهُ مِمَّا رُمِيَ بِهِ فَقَالَ: }وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ{الْآيَةَ.
- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْقُرَشِيُّ كِتَابَةً أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَجْدَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بن بشير عن خُصَيْفٌ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا نَبَتَتِ الشَّجَرَةُ قَالَ: لِأَيِّ دَاءٍ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ لِكَذَا وَكَذَا؛ فَلَمَّا نَبَتَتْ شَجَرَةُ الْخُرْنُوبَةِ قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِمَسْجِدِكَ أُخَرِّبُهُ قَالَ: تُخَرِّبِينَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: بِئْسَ الشَّجَرَةِ أَنْتِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تُوُفِّيَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي مَرْضَاهُمْ: لَوْ كَانَ لَنَا مِثْلُ سُلَيْمَانَ، فَأَخَذَتِ الشَّيَاطِينُ فكتبوا كتابًا وجعلوه فِي مُصَلَّى سُلَيْمَانَ وَقَالُوا: نَحْنُ نَدُلُّكُمْ عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُدَاوِي بِهِ فَانْطَلَقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ سِحْرٌ رُقَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: }وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ{إِلَى قَوْلِهِ:}فَلَا تَكْفُرْ{.
قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ النَّاسَ فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ اكْتَتَبُوا السِّحْرَ فَاشْتَغَلُوا بِتَعَلُّمِهِ فَأَخَذَ سُلَيْمَانُ تِلْكَ الْكُتُبَ وَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ فَدَفَنَهَا تَحْتَ كُرْسِيِّهِ وَنَهَاهُمْ عن ذلك ولما مَاتَ سُلَيْمَانُ وَذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْرِفُونَ دفنه الكتب، فتمثل شَيْطَانٌ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ فَأَتَى نَفَرًا مِنْ بني إسرائيل وقال: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزٍ لَا تَأْكُلُونَهُ أَبَدًا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْكُرْسِيِّ فَحَفَرُوا فَوَجَدُوا تِلْكَ الْكُتُبَ فَلَمَّا أَخْرَجُوهَا قَالَ الشَّيْطَانُ: إن سليمان ضبط الْجِنَّ والإنس والشياطين والطيور بِهَذَا، فَاتَّخَذَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تِلْكَ الْكُتُبَ، فَلِذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ السِّحْرُ فِي الْيَهُودِ، فَبَرَّأَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- سُلَيْمَانَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ.