الأربعاء 13 أكتوبر 2021 - 18:40
محمد عبد الماجد يكتب: تفلتات محمد وداعة


)1(
 ظل الكاتب محمد وداعة بعد سقوط نظام البشير في 11 أبريل يروج لنفسه عن الدور الذي قام به والمهمة التي أوكلت له ليخطط ويدبر ويعقد اجتماعات مع أطراف مختلفة من النظام البائد ولجنته الأمنية والمعارضة.
 حدثنا وداعة عن اجتماعات تمت بين مكونات من الحرية والتغيير يمثلها الصادق المهدي ومكونات من الحكومة يمثلها صلاح قوش وأحمد هارون، وعن الكيفية التي تحرك بها وما كان يحدث في الغرف المغلقة.
 كان وداعة يرسم لنفسه دوراً )بطولياً( – أظنه يأتي من التركيبة الشخصية لمحمد وداعة الذي يريد دائماً أن يكون جزءاً من العملية – وهذا أمر سوف أثبته لكم في هذا المقال.
 لا أريد أن أنكر على محمد وداعة مواقفه )النضالية( وكتاباته التي كان لها أثر في البناء الثوري لثورة ديسمبر ولكن ما أريد أن أؤكده هو أن )النضال( وحده ليس كافياً للترقي ولعب دور البطولة – أحياناً يكون )النضال( من أجل نزعات شخصية أو عنصرية أو لأهداف يمكن التكسب المادي والشخصي منها.
 مع هذا لا نستطيع أن نحكم أو نجزم بما تحمله الدواخل والنوايا – يبقى لكل المناضلين التقدير والاحترام ولكن عندما يقترن النضال بمواقف مخزية – فإن مراجعة الأمر وكشف حقيقته تبقى أمراً لا بد منه.
 محمد وداعة لأسباب )عنصرية( هو الذي روج للدور الذي لعبه صلاح قوش في فتح أحد المسارات للمتظاهرين للوصول لمحيط القيادة – رغم أن صلاح قوش نفسه في تسجيلات صوتية كان يسخر من المحتجين وكان يعلن عن تجهيز مائة عربة )تاتشر( لكل موكب يعلن عنه الثوّار.
 صلاح قوش الذي قال إن هناك بنتاً أخرجت بندقية )خرطوش( من حقيبتها وأردت الشهيد الدكتور بابكر عبدالحميد قتيلاً يجمّل وداعه صورته ويجعل له نصيباً في الثورة التي قامت ضد النظام الذي كان صلاح قوش مديراً لجهاز أمنه ومخابراته وبيوت أشباحه.
 وداعة ما زال يبحث لدور لصلاح قوش في المرحلة القادمة.
)2(
 هذا الأمر لم أكن أحكيه لولا أنه حدث أمام الجميع وهو شيء لم يعد خاصاً ولا هو سراً لا يجب البوح به.
 شخصية محمد وداعة التي حدثتكم عنها تمحورها يرتكز في أن يكون له دور وأن يكون جزءاً من العملية.
 عندما كنت رئيساً لتحرير صحيفة )الحراك السياسي( وفي اليوم الذي كنا نصمم فيه عددنا الأول قبل الصدور الرسمي في اليوم التالي جاءنا محمد وداعة برفقة رئيس مجلس الإدارة خالد الخليفة في مكاتب الصحيفة عند حوالي الساعة الخامسة مساءً.
 محمد وداعة برفقة رئيس مجلس الإدارة تجاوزا رئيس التحرير وقاما بالدخول إلى المكتب الفني للصحيفة من أجل أن يعاين ويراجع محمد وداعة الصحيفة التي يتعاون فيها كاتباً.
 لأن اختياراتنا في الصحيفة كانت اختيارات تقوم على )الموقف( إلى جانب مقومات المهنية والامتياز فقد قام سكرتير التحرير الأخ العشاي إبراهيم ومدير المكتب الفني محمد أدروب بطرد محمد وداعة من مكتب التصميم بعد أن تحدث معهما متعالياً وهو يطلب بأن يفتح له العدد والصفحات في جهاز التصميم من أجل أن يرى ويعاين ما قدمناه في عددنا الأول.
 بهذه الأنفة والتغول تحدث وداعة مع أفراد المكتب الفني والذين لم يتوانوا في طرده من المكتب رغم أن وداعة دخل برفقة صاحب الجريدة وناشرها ورئيس مجلس إدارتها الذي تجمعه به علاقة وصداقة قوية.
 الناشر خالد الخليفة تفهم هذا الموقف واحترم هذا القرار لكن محمد وداعة لم يعجبه هذا الأمر الذي أسره في نفسه.
 محمد وداعة بعد طرده من المكتب الفني جاءني برفقة رئيس مجلس الإدارة شاكياً ورافضاً هذا التعامل الذي تم معه وهو يعترض بحدة على هذا الموقف الذي تعرض له والإساءة التي وجهت له مبيناً أنه لا يريد إلّا كل خير.
 أكدت لوداعة أن تجاوز رئيس التحرير والمرور مباشرةً إلى المكتب الفني أمر لا أقبله حتى وإن كان ذلك من رئيس مجلس الإدارة.. وقلت إني لا أرى في قرار المكتب الفني ما يعيب أو ما يلزم الاعتذار لمحمد وداعة لأن هذا الشيء لو لم يكن بهذه الصورة التي تمثلت في طرد وداعة من مكتب التصميم لكان لي موقف مع المكتب الفني ولتمت محاسبتهم على السماح لمحمد وداعة بتصفح العدد ومراجعته من غير وجه حق.
 محمد وداعة عندما شعر أن موقفه مخز وأنني لا أقبل هذا التدخل عاد واستدرك وقال إنه يريد أن يراجع العدد وينظر إلى الصور والألوان والخطوط حتى لا يحدث لبس في الطباعة – وقد دخل للمكتب الفني لأنه فني طباعة أو خبير في هذا المجال وهو مسؤول عن طباعة الصحيفة ولا يريد أكثر من رؤية الصفحات المصممة كما فعل في صحيفة )الديمقراطي( التي خرجت في ثوب قشيب.
 قلت له إن كان الأمر كذلك فليس لدينا اعتراض لكن ذلك يجب أن يتم عن طريق رئيس التحرير وقد كان ذلك عندما عدت برفقته إلى مكتب التصميم وشرحت للعشاي وأدروب وبقية طاقم المكتب الأمر فرحبوا به لينجز مهمته ويخرج غاضباً.
 أما رئيس مجلس الإدارة فقد اختلفنا كثيراً وافترقنا – لكن مازال الود والاحترام قائماً بيننا وهو الآن لا يتحدث عني إلّا بكل خير وهذه كلمة حق أشهد له بها.
 تذكرت هذه الموقف بعد أن قرأت تصريحاً لمحمد وداعة يقول فيه : شرعنا في ترشيح بديل لمحمد الفكي.
 لم أكن قبل هذا اللقاء قد التقيت بمحمد وداعة كنت أحمل له شيئاً من التقدير والاحترام ككاتب وشخصية معروفة غير أني بعد هذا اللقاء أدركت أن الانطباع الذي كنت أحمله عن محمد وداعة انطباع غير حقيقي فهو شخصية نرجسية وهلامية وفلينية – يريد أن يكون له دور في كل شيء – يبحث عن انتصاراته الشخصية ويتحرك بنعرات عنصرية وحزبية بغيضة بشعارات براقة.
 هذا يثبت في أن سكرتير تحرير الحراك السياسي العشاي ومدير مكتبها الفني محمد أدروب قد تم فصلهما بعد )28( يوماً من هذه الواقعة لأسباب لا نعرفها حتى الآن – وقد كان لنا موقف على هذا الفصل إذ خرجنا )20( صحفياً من الصحيفة وتقدمنا باستقالاتنا الجماعية رفضاً لهذا الفصل وتضامناً مع زملاء لم نجد منهما إلّا كل خير وتفان وإخلاص في العمل.
 يبدو أن الحرية والتغيير في حاجة للعشاي وأدروب لإعادة الموقف الذي حدث لوداعة في المكتب الفني لصحيفة )الحراك السياسي(.
 لكن هل يوجد في الحرية والتغيير من هم في شجاعة العشاي وأدروب؟
)3(
 هذه هي شخصية محمد وداعة )الكرتونية( الذي يبحث عن دور الآن في الحرية والتغيير ويريد أن يضع )بصمة( شخصية حتى لو كان ذلك في الحطام فهو ضد كل شيء يتجاوزه أو لا يكون جزءاً منه وهذا شأن كثير من الصحفيين الذين قد نعود لبعضهم لاحقاً.
 ما يقوم به محمد وداعة الآن انتصاراً لشخصه وحباً لذاته لا يختلف كثيراً عن الذي قام به في صحيفة )الحراك السياسي( التي كان كاتباً فيها ليخرج منها ويغادرها بعد أن تقدم )20( صحفياً باستقالاتهم من الصحيفة بسببه.
)4(
 بغم/
 الشخصيات التي تطلق على نفسها مجموعة الإصلاح قوى الحرية والتغيير هي في نفسها في حاجة للإصلاح.
 كل الأسماء التي تقود إصلاح قوى الحرية والتغيير تبحث عن الأضواء وتريد أن يكون لها )دور( في الساحة حتى وإن كان سلبياً.