الثلاثاء 7 ديسمبر 2021 - 11:05
حيدر المكاشفي يكتب: هل يصبح حمدوك )عمدة خالي أطيان(

رغم تأكيدات وتعهدات قائد الانقلاب البرهان بأن تشكيل الحكومة القادمة هو حق حصري لحمدوك، بلا أي شروط سوى شرط أن تتشكل من كفاءات وطنية مستقلة، بحسب ما نص عليه الاتفاق الموقع بينهما، الا ان ما يحدث الآن يشير الى أن حمدوك لن يكون هو )البناء( الذي سيشيد مداميك هذه الحكومة خلافاً لتأكيدات البرهان، وانما سيكون دوره فيها دور )البناول الطوب(، أو مثل عامل السيمافور في محطات السكة حديد مهمته الأساسية والوحيدة هي انزال الاشارة إيذاناً للقطار بالمرور، اذ تبارى وتنافس الكثيرون للادلاء بدلائهم حول الكيفية التي تشكل بها هذه الحكومة، منهم حميدتي الذي أشار على حمدوك بأن يستعين برجالات الادارة الاهلية في التعيين، ما جعل الساخرون بعد هزائم المنتخب الوطني المذلة، يشيروا على طريقة حميدتي للمدرب بأن يستعين بالادارة الاهلية في تشكيل منتخب جديد، ومنهم حركة مناوي التي قال ناطقها الرسمي، إن تشكيل الحكومة المقبلة، سيتم بالشكل الذى تم الاتفاق عليه في اتفاقية السلام بجوبا وسيتم تنفيذها بالحرف، أما برطم فقال ان وزراء الحكومة القادمة سيأتون من الولايات )زرافات(، ومش عارف صديقنا الجكومي قال ايه، وعبد الفتاح حيقول ايه، وهكذا أصبح أمر هذه الحكومة المسكينة سداح مداح يقول فيه من يشاء من الانقلابيين وشيعتهم ما يشاء، وحمدوك صامت لا يزجرهم بالقول لهم )مش شغلكم(..
لقد حفلت خزانة الأمثال الشعبية السودانية التي تذم بؤس مثل هذا الحال الذي عليه حمدوك بعد عودته لمنصبه رئيساً للوزراء، وتوليه المسؤولية بشكل صوري واسمي، لا يمكنه من فعل أي شيء )حتى اختيار وزراءه( أو اتخاذ أي قرار ذي بال، مثل هذا الحال تقول عنه الامثال الشعبية )ريسو وتيسو( أو )عمدة وخالي أطيان( أو )سلطان بلا رعية( أو ما جرى مجراها من أمثال، والمؤكد أن هذه الأمثال لم تكن وصفاً تجريدياً لحالة خيالية، وإنما تمثلت الواقع وعبرت عنه وعكسته، الأمر الذي يشير إلى أن تاريخ الرؤساء التيوس في السودان قديم قدم هذه الأمثال التي حكت عن هذه الظاهرة التي ما تزال ظاهرة بين ظهرانينا، ولعل من أبرز هؤلاء كان مني أركو مناوي حين شغل منصب مساعد الرئيس بعد توقيعه اتفاق سلام مع الحكومة البائدة حمله إلى القصر الرئاسي، مناوي عندما وجد نفسه بلا عمل يؤبه له يؤديه، سخر من نفسه وهجاها على طريقة الشاعر الحطيئة فقال ما معناه أنا لست مساعداً للرئيس ووضعي أشبه بمساعد الحلة في اللواري السفرية.. فهل سيقبل حمدوك ان يكون )تمومة جرتق( وان )يتم بيهو الجماعة شغلهم(، ويصبح مثل العمدة خالي الاطيان، أو مثل احد كبار الموظفين كما في الطرفة التي تحكي عن أن إحدى المذيعات أجرت استطلاعاً مع هذا الموظف الكبير عن كيف يمضي يومه العملي، قال) بصحا من النوم، البس السفنجة، أدخل الحمام، أتسوك واستحمى وأغير وأسرح شعري وأبخ شوية كلونيا وأطلع من البيت أركب الفارهة، أدخل المكتب، أطلع من المكتب، وطالع وداخل لحدي الضهر أرجع البيت وهكذا دواليك(، أم انه سيرفض أي وضع هلامي هامشي يسيره )الجماعة( من وراء ستار، ولن يرضى ان يكون في وضعية )صحبة راكب(.. ننتظر لنرى ما سيكون عليه أمر حمدوك ما بعد الانقلاب..
الجريدة