الأحد 2 يناير 2022 - 21:59
الشهيد محمد ماجد زروق “بيبو” سرقوا أحلامه …و أصداء موسيقاه مازالت تتردد في الفضاء!!


في تعليقها على صورة الشهيد وهو محمولا على متن موتر لانقاذه عقب اصابته ويجلس خلفه صديقه المقرب وقالت رغد ” عندما مات قامت القوات بمطاردتهم وعندها طلب من كان يقود الموتر بانزاله فرفض صديقه ذلك ولم تتوقف المطاردة حتى يعد دخولهم لمستشفى الأربعين وتم قذف المستشفى بالغاز المسيل للدموع،
عند مدخل الشارع الذي يؤدي الى منزل الشهيد محمد ماجد زروق الشهير بـ ” بيبو” كتب أصدقائه “يابيبو العسكر مابفهم ، وحانجيب حقك يابيبو ” وعلى باب أحد المحلات التجارية أطلقوا على الشارع اسم شارع الشهيد بيبو بصورة تلقائية ، أسرة الشهيد اسرة تلتقيك رغم حزنها ببشر وتستقبلك كأنك أحد من أفراد أسرتها لذلك ليس غريبا أن يكون بيبو مشهورا بطيبته تألمت لفراقه كل أحياء أمدرمان وبكاه الشعب السوداني كما يبك كل والد ولده الذي عاد اليه شهيدا مضرجا بدمائه الطاهرة .
يقين أم الشهيد :
والدة الشهيد المكلومة على الرغم من حزنها تستقبل المعزين بصبر وجلد .. ولكن دموعها التي كانت تحاول اخفائها تغالبها فتنخرط في موجة بكاء عميق ، كانت تحمل بين يديها سبحتها وكتاب الحصن الحصين .كان كل شيىء في منزل اسرة بييو يخبرك بأن ثمة فراغ عريض تركه الشهيد … الجدران التي قام بطلائها بنفسه استعدادا لعقد قرآن شقيقته رغد الذي كان مقررا له الأسبوع القادم ، وغرفته المغلقة المليئة بأغراضه التي يحب آلته ” الجيتار الذي بدأ يتعلم فيه لتوه ، وكاميرا التصوير التي يعشق ، كان فرحا بغرفته الجديدة التي أودعها أحلامه الصغيرة ورحل في هدوء برغم ضجيج الحياه الذي كان يملأ قلبه الصغير الطيب الذي ملأه بحب الوطن والناس.
سرقة حلم :
وبدأت شقيقة الشهيد رغد حديثها عن شقيقها الشهيد وهي تغالب حزنها في ثبات لكن سرعان ما تتدفق الدموع على وجنتيها كان بيبو طفل لديه احلام وسرقوها كان يحلم بالالتحاق للجامعة ، كان بيبو يعشق الموسيقى وتم قبوله بجامعة السودان قسم التصميم الداخلي ، وكان يحب التصوير وشارك في ورشة تدريبية لتعليم التصوير قبل استشهاده بأيام ، وكان يحلم بأن يوهب لروح أبي الذي توفي قبل عام بئر مياه عندما يتخرج ويستلم وظيفة ، وقام بطلاء جدران المنزل للتجهيز لعقد قرآني وكأنه كان يعلم بآوان رحيله وعندما سألته هل ستفتقدني قال لي مازحا ” سأطير من الفرحة وسأخرج للشارع عاريا ، ولم تكتمل فرحة بيبو بغرفته الجديدة التي أنشأتها له أسرته ليمارس فيها هواياته المفضلة ويستقبل فيها أصدقائه فقام بتصميم غرفته وقام باضاءاتها بطريقته الخاصة ، وكان بيبو نشطا في مواقع التواصل الاجتماعي ولم تكن اسرته تعلم بأنه محبوب بصورة كبيرة وذكرت شقيقته رغد ” لم نعلم بذلك الا بعد وفاته وكان يمازحني قائلا أنا مشهور وانتي ماعارفة حاجة ”
الموكب الأخير :
وذكرت كان بيبو مواظبا على المشاركة في المواكب ولم يتغيب عن المشاركة يوما واحدا عنها ، وأردفت شقيقة الشهيد ( وفي الموكب الأخير الذي استشهد فيه هم بالمبيت في الخرطوم عند أحد أصدقائه لتفادي معضلة اغلاق الكباري واتصل بوالدتي ليبلغها بذلك ولكنه قرر في اللحظة الأخيرة أن يأتي الى المنزل بعد أن تذكر أن أخيه الأكبر هو الآخر لن يكون متواجدا بالمنزل وعندما عاد سألناه كيف تمكنت من قطع الكبري فأجاب أختبأت في ترحال ونام ليلته الأخيرة وهو لايلوي على شيء سوى الخروج في الموكب واستيقظ والحماسة تملأه على غير عادته وخرج باكرا فلأول مرة يخرج مسرعا وعندما التقى بأصدقائه في الخارج ودعوه لتناول الافطار معهم رفض ذلك وقال لهم مازحا ” انتم عطالى وأنا عندي شغل ماشي أعملوا ” وشعرت شقيقتي عندما لاحظت حماسه واندفاعه للخروج في الموكب شعرت بأنه لن يعود فقامت بتصويره فيديو.
وروت شقيقة الشهيد رغد لحظة وصول خبر استشهاد بيبو وقالت : بدأنا في الاتصال بهاتفه دون جدوى ووجدناه مغلقا ، فقمنا بالاتصال بشقيقه الأكبر وابلغنا بأنه لايعلم شيئا عنه ويبدو أن أهل الحي علموا قبلنا بنبأ استشهاد بيبو وعجزوا عن ابلاغنا وخرجوا للشارع وتمت مطاردتهم داخل الحي بالتاتشرات وقاموا باطلاق القنابل الصوتية والرصاص الحي ”
قلق الرحيل :
وتعود شقيقة الشهيد بذاكرتها قبل استشهاد محمد بييو بيوم واحد وذكرت كان مستلقيا مع صديقه المقرب وفجأة نهض من رقدته تلك وقال له ” وهو فرحا أنا ماشي ”
وفي تعليقها على صورة الشهيد وهو محمولا على متن موتر لانقاذه عقب اصابته ويجلس خلفه صديقه المقرب وقالت رغد ” عندما مات قامت القوات بمطاردتهم وعندها طلب من كان يقود الموتر بانزاله فرفض صديقه ذلك ولم تتوقف المطاردة حتى يعد دخولهم لمستشفى الأربعين وتم قذف المستشفى بالغاز المسيل للدموع واستمر ذلك أثناء التظاهرات الليلية في الأحياء ، وخرجنا الى شارع الأسفلت ونحن نهتف الدم قصاد الدم وقامت بفك البمبان وقنابل الغاز الصوتية داخل الحي حتى تخيفنا”
وأوضحت أن التقرير الطبي الخاص بالشهيد أثبت أنه اصيب في الرأس وتسببت الرصاصة التي اصابته في كسر الجمجمة وجزء من المخ
وروى شقيق الشهيد رامي ل(الجريدة) اللحظات الأخيرة لرحيل شقيقه وقال “كان بمعية صديقه قبل ان يفترق عنهم بسبب قنبلة صوتية وذهب الى ناحية قصر الشباب والاطفال بينما اتجه الشهيد ناحية مستشفى علياء ونبه بيبو صديقه الى القناص الذي كان مترصدا للثوار بأعلى المستشفى وفي اللحظة التي التفت صديقه لرؤية القناص وجده وقد وقع مغشيا عليه بعد ان تمت اصابته من قبل ذلك القناص الغدار وهو يحمل حجرا كما قال انه لن يوقف التصعيد الا بعد موته .
حلم لم يتحقق :
وأردف بيبو كان مثله ومثل أي انسان طموح يحلم بسودان يسعنا جميعا ويحلم بسودان تتحقق فيه شعارات الثورة ” الحرية والسلام والعدالة ” وكان يحب الموسيقى وبدأ يتعلم العزف على الجيتار ويحب موسيقى الرق وكان شخصا محبوبا وتفاجأت بأنه محبوب بصورة كبيرة وكان يحب خدمة الناس ولديه اصدقاء كثيرين وبيننا جزء كبير من الاصدقاء المشتركين ولديه قصص مع اصدقائي اكثر مما لدي معهم على الرغم من ان الفرق بيني وبينه سبعة عشر عام وكنا قريبين في اشياء كثيرة وكان يحب التصوير كثيرا وشارك قبل ايام من استشهاده في ورشة تصوير .
رحلة البحث عن الذات :
ومر الشهيد بمرحلة البحث عن ذاته وقال شقيقه لم يكن يدرك اي موقع في الحياة سيكون افضل له فقد كان متنازعا بين الموسيقى والتصوير وخيرا حسم امره وقدم ليلتحق بمجال التصميم وكان من المفترض ان يبدأ دراسته الجامعية الاسبوع القادم
اللقاء الأخير :
وقال شقيق الشهيد اخر لقاء بيني وبين شقيقي كان ورشة التصوير التي شارك بها وكنت اقوم بالتدريب في ورشة اخرى خاصة بالمونتاج في نفس المكان الذي تدرب فيه وكنا نلتقي في وقت الاستراحة وكان قد بدأ يحلم بانجاز مشروع مع اصدقائه ويردد بحسرة ولكن ذلك المشروع لم يكتمل .وهاتفني بمفردته المفضلة بيوم قبل الموكب الذي استشهد فيه وقال لي يامان انتا طالع من وين فاجبته من الخرطوم وذكرته أن ناس البيت بمفردهم وابلغني أنه سيهاتف صديقه عثمان ليستأذنه في المبيت معه بالخرطوم واتفقنا أن نلتقي في الموكب في العربي ثم عاد ليبلغني أنه سيعود الى المنزل فقلبه لم يطاوعه أن يترك أمي وأخواتي بمفردهن لأنه شعر بالقلق عليهن ، وفي كل موكب كانت أمي تشعر بالقلق وتقوم بتحصيننا عند خروجنا وتمكث بالمنزل ولا تستتطيع أن تأكل أو تشرب وفي الصباح هاتفني وذكر لي أنه متواجد في منزل صديقهم بالمهندسين .
غصة في القلب :
وفي رده على سؤال (الجريدة) حول اللحظة التي علم فيها باستشهاد شقيقة قال رامي كنت أشعر بأن قلبي منقبض ولا أدري سبب ذلك ورجحت أن ذلك بسبب كمية البمبان التي استنشقها في الموكب وكنت أشعر بأن ثمة مكروه سيصيبني ولكن درقة القدر حمتني وأصابت بيبو ، وتحسر قائلا لم نتحدث للمرة الأخيرة و لم يودعني … ، وأبلغني ابن عمي بنبأ استشهاد بيبو وقال لي بيبو مات وعلمت أن أمي عرفت أنه شوهد محمولا على سرير ولم يستطيعوا ايصاله للمستشفى وأخذت تبكي وتصيح وسألتني وأخبرتها أنا لا أعرف ماذا حدث له وطمأنتها أنه سيكون بخير وكنت أعتقد أنه طالما أنه وسط أصدقائه ولكن شعرت بغصة في قلبي وجربت الاتصال بهاتفه ووجدته مغلقا وأخذت اجرب في هواتف أصدقائه وهاتفي كادت بطاريته أن تنفذ واتصل بي ابن عمي بوني مات وقلت له بيبو تقصد واخبرته بأني لا أعلم وطلبت منه أن أجري اتصالات حتى اتأكد وكان لدي رقراق أمل بسيط وجربت هاتفه مرة أخرى واتصل بي احد اصدقائه وابلغني بالنبأ فطلبت منه ألا يقوم أحد بهبش جسده الطاهر وكان لدي همين لحظتها جثمان الشهيد وكيفية ابلاغ امي بخبر استشهاد بيبو وكنت أعلم أن حالتها ستكون صعبة للغاية ، وعدت أدراجي الى المنزل عن طريق كبري الحلفايا وسوبا حتى دخلت أمدرمان ووجدته قد تم تشريحه وحضرت قبل تكفينه وعادت الدموع تملأ وجه رامي بكثافة من خلف نظارته وقال وقفت أمام شقيقي واعتذرت له وقلت له انا آسف بحبك شديد وماقدرت أعمل حاجة وحقك حانجيبو ما حانخليهو”
صحيفة الجريدة