الخميس 12 أغسطس 2021 - 19:40
اسماء محمد جمعة
من الاخر - اسماء محمد جمعة


السودان بكل ما يملك من إمكانات تجعله مؤهلاً لإطعام العالم،فشل فشلاًذريعاً حتى في إطعام نفسه،ومنذ عقود طويلة تعاني نسبة مقدرة من سكانه الجوع وسوء التغذية،وظل يصنفضمن الدول التي تقع في حزام الجوع،خاصة في عهدالنظام المخلوعالذي عمل عمداً على تمكين الظروف المسببة للجوع،وحتى بعد سقوطهلم يخرجمن الورطة بسبب التركة الثقيلة التي خلفها، وعجز الحكومة الانتقالية على معالجتها بسرعة لأسباب كثيرة لسنا بمجالها،ولذلك حذرت جهات عالمية من تفاقم كارثة الجوع في السودان.
فيتقرير جديد صدر قبل أيام،حذرت الأمم المتحدة ممثلة في منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي، من ارتفاع نسبة الجوع في 23 بؤرة ساخنة في العالم في الأشهر الثلاثة المقبلة ابتداءً من هذا الشهر على رأسها إقليم تيغراي في إثيوبيا وجنوب مدغشقر واليمن وجنوب السودان وشمال نيجيريا، وحددت تسع بلدان أخرى ستواجه مشكلة جوع جزئيةوسيكونلديها أعداد كبيرة من الأشخاص الذين يواجهون “انعدام الأمن الغذائي الخطير” إلى جانب تفاقم دوافع الجوع، وهي تسع دولمن ضمنها السودان .
المصيبة الأكبر والتي ستفاقممشكلة الجوع في السودان كما يقول التقريرهي أنه يجاور إثيوبيا وجنوب السودان،أكثر نقاط الجوع سخونة في العالم. وفوق ذلك تواجهان صراعاتٍ عنيفة تزيد الأمر تعقيداً ما ينعكسعلى السودان.
لا أعتقد أن الحكومة الانتقالية تجهل هذا الأمر، ورغم ذلك لا أظن أنها مستعدة لمواجهته بسبب المشاكل الكثيرة التي يمر بها السودان،ولكن حتى لا يتحول الأمر إلى أزمة تضاف إلى قائمة الأزمات الطويلةوالمعقدة يجب أن تتحرك بسرعة للسيطرة على الموقف في حدوده الحالية على الأقل، خاصة وأن العد التنازليقد بدأ من هذا الشهر حسب التقرير .
الأهم من كل ذلك هو أن تعمل الحكومةعلى وقف الأسباب التي تؤدي إلى نقص الغذاء المتكرر في السودان، مثل الحروب والصراعات التي تحرم المواطنين من الإنتاج،وإيجاد حل لمشكلة الفيضانات السنوية التي تدمر مساحات شاسعة مزروعة بالمحاصيل،وتشجيع الاستثمار في الغذاء، هذا بالإضافة إلى مساعدة جنوب السودان وإثيوبيا علوقف الصراعات وعودة من نزحوا إلى مناطقهم.
أعتقد لدى السودان الكثير من الأموال التي تهدر في أعمال ومناسبات فارغة وتبتلعها مظاهر الفساد المشرعنةالتي تسمح بها الحكومة الانتقالية،وليس من دليل يمكن الإشارة إليه أكثر من الاحتفال بتنصيب مناوي حاكماً على دارفور،في الوقت الذي تعتبر هي نفسها واحدة من أكثر المناطق تأثراً بمشكلة الجوع،وما صرف في هذا الاحتفال،يعالج مشكلة الجوع فيهاتماماً ولمدة شهور قادمة.
عموماً ننبه الحكومة لهذه المشكلة قبل أن تستفحل حتى تطلب النجدة من العالم،وإلى حين أن يصل يكون الجوع قد فعل فعلته وترك آثاره على المواطنين ومستقبل البلد الذيسيدفع الثمن لسنوات طويلة، فنتيجة الجوع والحرب واحدة.