الجمعة 4 مارس 2022 - 18:48

تقرير: هبة عبيد
تسارع في الأحداث جعل السودان مسرحاً جديداً لتوافد المبعوثين الغربيين، بعد أن هدأت العاصفة التي اثارتها زيارة حميدتي إلى روسيا قليلاً، وكانت واحدة من الزيارات التي قلبت موازين العلاقات الدولية والأحلام، في وقت دخلت فيه أوروبا والولايات المتحدة بثقلها في السودان لإحداث التحول الديمقراطي وتحقيق استقرار للبلاد، مما عدته مخاوف جديدة ربما تسحب منها البساط، سيما أن حميدتي تحدث بشفافية أمس الأول عقب عودته عن القاعدة العسكرية وامكانية أن تحظى روسيا بالموافقة إن توفرت مصالح للسودان. كل هذا الحراك أعاد خطوات التنظيم للدول الأوروبية التي بدأت الرحلات الماكوكية لتلمس وتحسس هذا التحرك، فقد استقبلت الخرطوم خلال )٤٨( ساعة مبعوثين هما المبعوث البريطاني للشؤون الإفريقية ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي. واللقاءات رغم انها لم تخرج عنها سوى معلومات عامة، الا ان مراقبين يتصورون أن الغرض الأساسي منها بحث المستجدات وعملية إعادة المياه لمجاريها، خاصة أن روسيا عززت وجودها في السودان.. التساؤلات مختلفة، فهل تستطيع هذه الوفود إعادة عمليات التوازن في العلاقات مع السودان ام أن الدب الروسي يسيطر على موازين القوى؟
)١(
منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، عادت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى التقارب مع السودان، وازاحته من العزلة الدولية برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب بجانب ازالة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه، وبحسابات خارجية فإن هذا التغيير الذي تمثل في دعم امريكي واوربي سيغلب الموازين لصالح الدول الغربية، ولكن ظهور روسيا في المشهد جعل تلك الدول تواجه خطر التباعد مرة أخرى، ويرى المراقبون أن تعديل الموازين لا يعني بالضرورة إشعال المنافسة لدرجة الصراع بين واشنطون وموسكو على السودان الذي يعتبر من اكبر الدول الافريقية الغنية بالموارد والثروة الحيوانية، ولكنهما تتنافسان على ايجاد مخرج آمن للازمة التي يعيشها السودان، وفيما تجد روسيا في نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو معبراً لتحقيق مصالحها بالسودان، تبحث الدول الاخرى عن امكانية الدخول عبر بوابة الازمة، ولكن السؤال هل تستطيع الدول الغربية حل الازمة ام انها تسعى لفرض سيطرة جديدة على البلاد؟
)٢(
وفي الوقت التي اكتفت فيه روسيا بزيارة حميدتي سارعت الدول الغربية الى ارسال مبعوثين، حيث وصلت المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي أنيت ويبر إلى الخرطوم في زيارة إقليمية مقررة للقاء مختلف الجهات السودانية، بما في ذلك المؤسسة العسكرية لمناقشة سبل المساهمة في حل الأزمة المستمرة في السودان، وقالت المسؤولة الاوروبية للصحافة قبل وصولها إن الاتحاد الأوربي يدعم الاستقرار في السودان وهو أمر أساسي لأمن القرن الإفريقي، وأضافت أنيت ويبر انه من أجل تحقيق الاستقرار يتحدث الاتحاد الأوربي مع جميع أصحاب المصلحة داخل السودان بما في ذلك سلطات الحكومة المكلفة والشركاء الإقليميون والدوليون والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والأمم المتحدة، واوضحت أن هدف الاتحاد الأوروبي مساعدة كافة الأطراف السودانية على تحقيق النجاح في انتقالهم الديمقراطي، بما يؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة، وقالت ان الاتحاد الأوروبي ينضم إلى المجتمع الدولي في العمل على جمع جميع أصحاب المصلحة السودانيين للتوصل إلى إجماع بقيادة السودانيين في حل أمورهم، ودعت جميع أصحاب المصلحة السودانيين الى اختيار الحوار بدلاً من الخلاف من أجل إعادة الفترة الانتقالية إلى المسار الديمقراطي والسلمي.
‫كما وصل مدير عام شؤون إفريقيا في الحكومة البريطانية معظم مالك الى الخرطوم في زيارة تستغرق يومين، ‫وسيلتقي مالك عدداً من القادة السياسيين السودانيين وأعضاءً من منظمات المجتمع المدني والإعلاميين والشباب والمنظمات الدولية، لفهم التحديات الاقتصادية والسياسية الحالية.
وأطلقت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة )يونيتامس( في يناير الماضي مشاورات أولية بين الأطراف السودانية بغرض الخروج من الأزمة السياسية، وأدانت دول غربية بما فيها بريطانيا محاولات الجيش في السودان الانفراد بالسلطة، ودعت للعودة إلى المسار الديمقراطي وتشكيل حكومة انتقالية يقودها مدنيون.
)٣(
ويرى الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. السر عبد الله ان الدول الغربية تنظر للسودان باعتباره منطقة تتميز بموارد طبيعية، بجانب انه يحقق لها مصالح اخرى، ويقول السر في حديثه لـ )الإنتباهة( إن الدول الامريكية والاوروبية تحاول ان تجد حلاً للازمة السودانية لتأمين مصالحها في المنطقة، واضاف قائلاً: )لا يفرق معها اذا كان النظام مدنياً او عسكرياً(.
واشار الى حرص الامريكان على عدم تحسين علاقات السودان مع روسيا التي تسعى لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الاحمر والاستحواذ على موارد السودان.
الا ان صحيفة )ديلي تلغراف( أشارت ــ في تقرير لها ــ إلى أن السودان هو المصدر الرئيس للذهب بالنسبة لروسيا التي هرّبت مئات الأطنان من الذهب السوداني خلال السنوات الماضية، وأصبح لدى روسيا ذهب أكثر من الدولارات الأمريكية لأول مرة منذ يونيو 2020، وتصل نسبة سبائك الذهب إلى 23% من الاحتياطي، وارتفعت قيمتها إلى )630( مليار دولار حتى الشهر الماضي، في الوقت الذي لا تظهر فيه إحصائيات الحكومة أية صادرات للذهب من السودان إلى روسيا، إلا أن مديراً تنفيذياً لأكبر شركة إنتاج للذهب في السودان أخبر )ديلي تليغراف( بأن الكرملين أكبر لاعب في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان.
)٤(
إلا أن المحلل السياسي راشد المبارك ذهب إلى ان الدول الغربية تسعى لحل الأزمة في السودان من دوافع تحقيق السلام، وقال: )بالرغم من أن المصالح التي ستجنيها من استقرار السودان كثيرة، الا ان الفائدة التي سوف يجنيها السودان من امريكا واوربا اكثر من التي تنتظرها هي(، واعتبر المبارك في حديثه لـ )الإنتباهة( ان ارسال مبعوثين للسودان امر إيجابي ويجب الانصات إلى المقترحات التي يقدمانها، وشدد على ضرورة أن يعمل السودان على توطيد علاقاته بامريكا لأن الفوائد معلومة عكس روسيا التي لا توفر مساعدات للبلاد، مبيناً ان موسكو معلوم انها تسعى لبسط نفوذها بقاعدة عسكرية في البحر الاحمر، مما يؤكد انها تهتم بمصالحها الخاصة.




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619