الأحد 6 مارس 2022 - 20:07
احمد يوسف التاي يكتب: لا تستنكر شيئاً يا عباس


)1(
طالب رئيس غرفة الصناعات الغذائية عبد الرحمن عباس، أعضاء المجلس السيادي بإغلاق البلاد في وجه السلع الهامشية والكمالية المستوردة وألا تسمح السلطات إلا باستيراد السلع الاستراتيجية، وبرر ذلك بأن الوضع الاقتصادي أصبح كارثياً للغاية ولا يحتمل أكثر مما هو عليه… عباس استنكر استيراد الفاكهة في ظل كثرة الإنتاج المحلي…
)2(
دعني يا عباسُ أزدك ييتاً من الشعر، لأقول ليست الفاكهة المصرية فقط ولا اللبنانية ولا تلك التي تأتينا من وراء البحار عبر بوابات السودان التي لا يقف عليها أحد، فليس هناك أكثرُ إيلاماً من تدفق سيول الأدوية منتهية الصلاحية، والنفايات الإلكترونية القاتلة، والكريمات المسرطنة، والملابس المُستخدَمة ولعب الأطفال التي كانت تُستورد بمليارات الدولارات… ليتها كانت فاكهةٌ وحسب يا عباس…
والحق يا عباس أن فوضى الاستيراد القاتلة لم نشهدها الآن بعد العام 2019، ولكنها كانت داءً مستعصياً، وقد كتبنا غير ما مرة عن استيراد السلع الكمالية غير الضرورية وحفظ عنا القارئ الكريم حديثنا المكرر عن استيراد النبق الفارسي الذي لم يتم توطينه بعد قطع العلاقات مع إيران.. يتواطئون في عمليات توطين القمح وكل ما هو استراتيجي ونافع ويتحمسون لتوطين كل ما هو تافه وغير ذي قيمة أو نفع… إنها حرب الدولة على نفسها، وهل في هذه الحال تكون الدولة إلا مختطفة..؟؟؟!!!..
)3(
الحقيقة الواضحة للعيان أن الدولة الآن تسعى في سياساتها لتدمير المنتج المحلي سواءً أكان زراعياً أو صناعياً، أو حيوانياً أو معدنياً بدلاً عن تشجيعه وتحفيزه، بينما تترك “الحبل” على الغارب للمصدّرين وهم يجنبون حصائل الصادر بالخارج والتي لا تصل بنك السودان، والحكومة تعرف هذا ولكنها تتغافل ولا تتخذ أي إجراء في مواجهة 1500 شركة لم تورد حصائل صادراتها، والحبل نفسه تتركه على غارب المستوردين ليستوردوا من “التوافه” ما لا حاجة لنا به سواءً نفايات إلكترونية مسرطنة، أومساحيق وكريمات وسموم قاتلة، وبضائع منتهية الصلاحية وأجهزة )اسكراب(، وأشياء كثيرة مضحكة.. أو بعد هذا ألا يحقُّ لنا أن نشكَّ في هذه القرارات والسياسات المشبوهة التي لا تعود على الوطن والشعب إلا بالضرر بأنها عمل مدبر لتجفيف البلاد من العملات الصعبة ليصبح الدولار سلعة نادرة عوضاً عن كونه عملة للتداول….
)4(
الحاكم الفاشل الذي يعجز عن تأمين قوت شعبه، وعن حمايته من الكوارث، وعن توفير الأمن، فالأكرم له الرحيل قبل أن يُنتزع بفعل الأعاصير، وإذا استمسك بالعرش وأصرَّ على البقاء مع الإقرار بعجزه إنما يضع السلطة للحماية الشخصية مما يخشى عاقبته… فالسلطة هي الوسيلة الأقوى والأعظم لتحقيق أهداف الدولة ومصالحها القومية ورفاهية شعبها وحماية أمنها وبناء مشاريعها الاستراتيجية النهضوية، وليست لحماية الحُكام ولا لإشباع نزواتهم السلطوية، ولا لتحقيق رغباتهم الشخصية، السلطة سلطة الشعب ومن أجل خدمة الشعب وكفى… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائمًا في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.