الأربعاء 9 مارس 2022 - 15:00
صباح محمد الحسن يكتب: حدود الشرق أم حدود دقلو !!


لن يمر قرار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” باعتماد ترسيم حدود شرق السودان ، على أساس قبلي دون ان يجد من يتصدى له ولوقفه، هذا القرار الذي يتعارض مع مبادئ التأسيس لدولة ديمقراطية يحلم شعبها وينشد التغيير ويدفع ثمنه شباب الثورة أرواحهم غالية، وهم يرفعون شعارات الحرية والسلام والعدالة التي تجسد المعاني الحقيقة لأهمية وضرورة وطن واحد، واعلاء هذه الروح من جديد بعد ان قتلتها روح القبلية والعنصرية والتمييز القبلي، فالقرار بشكله الخاطئ لن يمر على أهل الشرق الحبيب والذي ربما يخلق موجة من التوتر، ومن المتوقع ان تقابله المكونات السكانية في الإقليم المشحون بكثير من الخلافات منذ زمن طويل برفض كبير.
وكان ثمة اجتماع بالقصر الرئاسي في الخرطوم ضم الفريق محمد حمدان دقلو وأعيان عدد من القبائل بالشرق عقب صدور المرسوم ، لكن توقيع المرسوم لم يكن خطوة لطي الخلافات وللتوتر وشهد اللقاء نقاشات حادة واعتراضات صريحة عليه، وذلك بالرغم من ان توقيع الأطراف نفسها على وثيقة حسن النوايا التي تهدف لإنهاء الأزمة التي شهدها الإقليم العامين الماضيين.
وقال عضو تنسيقيات قبائل البني عامر والحباب عبد الله درف للاجهزة الاعلامية إن القرار الذي صدر أشار إلى ترسيم الحدود إدارياً بدلاً عن القبائل، لكن جهات رفض تسميتها اعترضت عليه وطالبت باعتماد الترسيم قبلياً.
وأكد درف أن ترسيم الحدود بين الولايات هو النهج الصحيح، باعتبار أن الأراضي لا يتم تمليكها للقبائل وتابع: اعتماد ترسيم الحدود بين القبائل في شرق السودان غير منطقي فلا توجد أراضي مسجلة باسم قبيلة، ولكن حميدتي وافق على الأمر لحفظ الحق الأدبي للقبائل على حد تعبيره(.
فهذه الجهات التي لم تتم تسميتها هي التي عملت على هندسة هذه الخطوة رغبة وتنفيذاً لأوامر محمد حمدان دقلو الذي يسير على نهج المخلوع وهو ان يتم حشد بعض الجهات او مجموعة من القبائل تُعرض عليها رغبة الحكومة في تنفيذ قرار معين ويطلب منها ان تكون الحاضنة الشعبية لتنفيذ القرار فحميدتي وعبر هذه القبائل يسعى للحصول على شرعية لتنفيذ خططه الكارثية التي تقود هذا الوطن مرة ثانية للانقسام والتفرقة والشتات، هذه الخطوة التي تعمل على تحقيق مطامع أكبر سيكون لها آثارها العميقة على وحدة الوطن.
وحذر بالأمس الناشط في ولاية البحر الأحمر عثمان الباقر من أن يؤدي عمل لجنة ترسيم الحدود في شرق السودان لخلق فتنة بين المجموعات المتعايشة وترسيخ الجهوية بما يؤثر على السلام الاجتماعي
ووصف، في مقابلة مع جولة السودان اليوم في راديو دبنقا، تشكيل اللجنة بأنه سلاح ذو حدين محذراً من الاعتماد على الخريطة )الانجلو مصرية( لعام 1899 التي قال إنها رسخت للجهوية، وكان من الأفضل رسم الحدود بين الوحدات الإدارية والولائية مع الاحتفاظ بحق النظارات بحدودها التاريخية المعروفة، ودعا اللجنة لعدم الاستعجال في تبني قرارات قبل فهم تركيبة شرق السودان والاستماع للحكماء والعلماء، فترسيم الحدود، على أساس قبلي وليس إداري قد يكون بداية لنزاعات جديدة بين قبائل شرق السودان وبين كيان البجا بوصفه المكون الرئيس لقبائل بني عامر والهدندوة الأمرار، وغيرها ، لكن ربما قصد محمد حمدان دقلو والمجلس الانقلابي ان تكون هذه الخطوة في هذا التوقيت تحديدا والناس مشغولة بهموم وطنية وسياسية ، وواقع اقتصادي بائس، لذلك نفذت الخطوة وبوركت وسط هذا الزحام بالرغم من خطورتها وقد يرى بعض المناصرين للخطوة انها قد تسهم في حلول على الواقع لبعض القضايا مثل قضية فتح معسكرات اللاجئين الا ان للخطوة آثار عميقة وطويلة المدى على مستقبل شرق السودان ووحدته ووحدة هذا الوطن الحبيب.
فالحكومة مازالت حذرة بالرغم من تنفيذ الخطوة وتتوقع ردة فعل عنيفة على قرار ترسيم الحدود للقبائل والنظارات في ولايات شرق السودان الذي قدمه حميدتي تحت غطاء توافق المكونات القبلية الكبيرة على هذا المقترح باعتباره سيحفظ أرضها من التغول عليها من بقية المكونات، وهي التي استقوت في ما قبل بحكومة الانقاذ ، تجدها الآن تستقوى بقائد الدعم السريع وترفض طرق أخرى للتقسيم.
لذلك ان طرح حميدتي لنفسه وصياً على هذا الوطن في القضايا السياسية والاقتصادية والمصيرية وفي كل شئ، سيجعل خسارة هذا الوطن أكبر حتى ولو تحقق مايحلم به هذا الشعب ،لكنه في وقت ما سيكتشف الآثار الجانبية الخطيرة لما يقوم به السيد دقلو الآن، لذلك نحن بحاجة لوقف حدود دقلو وليس حدود الشرق.
طيف أخير
المرأة كوكب يستنير به الرجل، ومن غيرها يبيت الرجل في الظلام ... كوني أقوى.
الجريدة