الثلاثاء 16 أغسطس 2022 - 17:20

الخرطوم- مُهيبة بيِّن
تفجرتْ الأوضاع الداخلية بين أعضاء الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار واحتدت الخلافات في التنظيم بسبب المواقف حيال الانقلاب، وتفجرت بعد إعلان رئيس الحركة الذي يتولى منصب عضو مجلس السيادة تبرؤه من مشاركة قيادات من الحركة في اجتماعات الحرية والتغيير، مما دفع وزيرة الحكم الاتحادي المنتمية للحركة الشعبية بثينة دينار من تقديم استقالتها، وإن كانت قد بررتها بعدم مواءمة موقعها الحالي لثورة ديسمبر التي تود الانحياز لها بالكامل.
قالت بثينة دينار إن أهم أسباب استقالتها من منصبها كوزيرة بوزارة الحكم الاتحادي، التي قادتها لاتخاذ قرار الاستقالة هو تقويض الفترة الانتقالية عبر انقلاب 25 أكتوبر وعدم تنفيذ اتفاق سلام جوبا وعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية، علاوة على ذلك ما أسمته الإعاقة والتعجيز في عمل وزارة الحكم الاتحادي.
كما تمثل استقالة دينار إحدى تجليات الخلاف الناشب وسط قيادة الحركة التي انقسمت بعد إعلان رئيسها مالك عقار، تخليه عن المجموعة التي انحازت لتحالف الحرية والتغيير )المجلس المركزي( المعارض للحكم العسكري.
وقالت في خطاب الاستقالة الذي تحصلت )الحراك( على نسخة منه إنها تقلدت منصبها في وزارة الحكم الاتحادي بموجب اتفاق جوبا لسلام السودان، وأضافت أنها وافقت على المشاركة من أجل إيصال الاتفاقية إلى مقاصدها ووقف نزيف الدم في مناطق النزاعات، ومن أجل ترتيبات أمنية شاملة وصحيحة وعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم ومناطقهم وتوفير الخدمات اللازمة لهم، والممارسة الديمقراطية التي تؤدي إلى الأمن والاستقرار وعدم اغتيال بنات شعبنا وأبنائه عند خروجهم في الشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة .
وأشارت دينار إلى بقايا قضايا الناس بلا حلول وغياب حقوق الحياة والمواطنة، ودعت إلى الالتفاف حول راية الثورة حتى إنجاز الواجب الوطني، بذهاب الانقلاب وعودة الحكم المدني وممارسة الديمقراطية.
وقالت بثينه فيما يلي الترتيبات الأمنية إن ما يجري بشأنه هو “تشويه لما تم الاتفاق عليه”، مشيرة إلى افتقارها إلى آليات التنفيذ الصحيحة المتفق عليها .
وتضمنت الاستقالة حديث الوزيرة عن تعقيدات في وزارة الحكم الاتحادي بعد الإعلان عن إقليمي النيل الأزرق ودارفور وتعيين حكام فيهما بموجب اتفاق جوبا، بينما ظل باقي السودان في الحكم اللامركزي بنظام الولايات، مما خلق تعقيدات كبيرة في إدارة وانسياب الموجهات من وزارة الحكم الاتحادي خاصة في إقليم دارفور الذي أعلن دون إطار دستوري وقانوني، يمكن الإقليم والقائمين على أمره من تنفيذ ما جاء في اتفاق جوبا.
وكشفت دينار عن تدخلات السيادي في تعيين وتكليف أمناء الحكومات في الولايات برغم أنه حق أصيل للوزارة بالتشاور مع الولاة، لكن يتم الاشتراط بتقديم الأسماء للكشف الأمني قبل التكليف، ليتم قبول المرشح أو رفضه بواسطة لجنة مكونة من بعض أعضاء المجلس السيادي.
وناشدت دينار القوى السياسية والمدنية بالخروج من الإطار الضيق والتفكير بقدر في اتساع السودان وتنوعه والنظر بمسؤولية إلى قضايا السلام والأمن والاستقرار في مناطق الحروب، واتخاذ موقف إيجابي من اتفاق جوبا للسلام وعدم إرسال رسائل سالبه تنادي بإلغاء الاتفاق أو مراجعته، وقالت إن أمام الجميع فرصة تاريخية لإنقاذ السودان وتحقيق التحول الديمقراطي والدولة المدنية، وجددت بثينة انحيازها لقوى الثورة الرافضة للانقلاب حتى هزيمته وتحقيق الدولة المدنية ودولة القانون.
من جانبه قال عضو الحزب الشيوعي كمال كرار استقالة وزيرة الحكم الاتحادي جاءت متأخرة وكل الوزراء الذين عملوا في ظل الانقلاب كانوا داعمين للانقلاب، لكنهم لم يغيروا التاريخ وتعاملوا مع الانقلاب كأمر واقع والوزيرة كانت ضمن المنظومة الانقلابية، وأضاف كرار الوزيرة كانت داخل الحكومة الانقلابية بسبب السلطة والنفوذ، لا بسبب الانحياز للديمقراطية والثورة وهم جزء لا يتجزأ من الانقلاب.
وفي السياق قال المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين إن استقالة وزيرة الحكم الاتحادي هي تعبير عن حالة الزعازع التي تشهدها كثير من القوى السياسية هذه الفترة، والسبب هو الاستقطاب الحاد بين التيارات المختلفة وأقصد هنا الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار، والفرز الحصل داخل هذه الحركة بين مجموعات ترى أنها لابد أن تقف في صف الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأخرى ترى أنها لابد أن تكون جزءاً من الأفق السياسي القائم على توسيع المشاركة السياسية،واعتبر أنه تعبير عن أزمة داخل الحركة الشعبية أكثر من أنه موقف مبدئي للسيدة الوزيرة.
وأشار محمد الموقف الذي عبرت عنه الوزيرة الآن موقف غريب لايمكن أن تكون تعمل مع الحكومة خلال الفترة الماضية، وأن تأتي اليوم وتقول إنها ثورية، مشيراَ إلى أن دينار قررت هذا الأمر لأنها ترفض الانقلاب هذا الأمر غير منطقي بأي حال من الأحوال، ولا يعبر عن أي اتساق مع الأفكار لأن من غادر الحكم بعد إجراءات 25 أكتوبر ممكن أن نصدق منه هذا الأمر، ولا يمكن أن تكون وزيرة لمدة تسعة أشهر بعد هذه الإجراءات ثم تأتي وتقول هذا انقلاب عسكري.
وأكد محمد أن هذه الحالة للوزيرة حالة من الانتهازية في المشهد السياسي والكثيرون الآن يغيرون مواقفهم وقد نرى خلال الأيام القادمة تغيير كثير من المواقف دعماً لتوجهات التوافق الكبير، ودعم القوات المسلحة في إطار تسوية سياسية كبيرة، وبالتالي أعتقد أن هذا الأمر لا يمكن تسويقه باعتبار أنه تساقط لانقلابيين أو غير ذلك من التوصيفات.