الأربعاء 31 أغسطس 2022 - 19:06

في السابع من مايو عام 2016م كتبتُ مقالاً ، وحينها كنتُ رئيس تحرير صحيفة (الصيحة) المقال تحت العنوان (يا ناس الكوكب المجاور سلام) ..، لكن سلطات الأمن منعت نشر المقال، ولما كان الممنوع مرغوب إنطلق المقال وانتشر كما النار في الهشيم، فاستهلته المواقع بعبارة ..

مقال الكاتب (أحمد يوسف التاي) الذي منع من النشر اليوم …

نبض للوطن – أحمد يوسف التاي

يا ناس الكوكب المجاور .. سلام..

أمس أرسل لي أحد القراء المقال، مع عبارة إن كنت أميناً وتمتلك الشجاعة أعد نشره، ترددت قليلاً وآثرتُ ألا أستجيب لاستفزازالرجل لأن الأمر ليس مهماً بالنسبة لي ، لكني لم أر بأساً في إعادة النشر، لأني كنتُ على قناعة بأن كتبتُ يومها بصدق وتجرد ووصفتُ الحال بصدق ،والآن بذات الصدق أعيد النشر وأقرُّ بأن الحاضر ليس بأفضل من الماضي فاقه في السوء والتردي… فإلى نص المقال:

إلى أي جحيم تريد أن توردنا هذه الإدارة الإقتصادية الفاشلة، التي أحالت البلاد من دولة ينتظرها العالم لتكون سلة غذائه إلى دولة تتسول الغذاء وتنتظر الإغاثات وفي غفلة الزمان وسوء الإدارة وجد فيها الدولار نفسه (يقدل) ويتبختر بخطى متسارعة نحو الخمسة عشر جنيهاً،بينما عملتنا المحلية تبدو كجثة هامد بعد أن هبطت إلى السفح مكسورة الجناح، و(بغاث) العملات تزهو من حولها وتتيه في (البورصات) تيها، ساخرة من أقدار بلد لم تنقصه الموارد ولا الطاقات، ولكنها أقدار الشعوب حينما يدير شؤونها الفاشلون..

وبفعل تلك السياسات الإقتصادية الفاشلة، تحول السوق إلى كاسر مفترس يلتهم كل الدخول والمدخرات، فالغلاء استوحش واستبد وطغى،حتى ملح الطعام بات يشرئب إلى (العلا) يتطلع إلى (الثراء) السريع ،وقد كان فينا (وضيعاً) ضعيفاً،نعم حتى (الملح) يبتغي العزة والغلاء في بلد يسترخص فيها الإنسان..

وأما الضائقة المعيشية، فهذه مواجع لايعرفها أصحاب (النظارات السوداء) والزجاج المظلل والأبراج العاجية من أهل الشوكة والسلطان.. تواضعوا قليلاً وأعطوني الأمان لأحدثكم عما أنتم عنه غافلون، حديثاً يدمي القلوب إن كانت لكم قلوب تفقهون بها، بل حديثاً يدمع العينين إن كانت لكم أعين تبصرون بها،أو ربما حديثاً يصك الآذان إن كانت لكم آذان تسمعون بها، أعرف أنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور…

أيها السادة من سكان (الكوكب) المجاور لأرضنا،ألم تكونوا ساكني ذلك الكوكب المحاور لأرضنا؟! وإلا فأروني لماذا تتغافلون عن الضائقة والغلاء الذان طرقا كل بيت سوداني يعيش أهله على كوكب الأرض. …ياسادة كوكبنا وتبدون أغراباً عنا، أولستم سكان (الكوكب)الذي يجاور أرضنا؟، وإلا فقولو لي لماذا لم تحرك معاناتنا الطاحنة سكونكم،وأنتم منشغلون ببيع الميادين ،والمؤسسات والهيئات التي كانت ملء السمع الأبصار؟!…يا ساكني (الكوكب) المجاور أولستم ساكني الكوكب المجاور؟ وإلا قولوا لي لماذا لا تسمعون صرخات جوعانا وأنات مرضانا ،والمستغيثين من حر أسواقنا؟!..

إذا لم تكونوا من سكان كوكب يجاور أرضنا لماذا يظل البون متسع بيننا وبينكم، ولم تحسوا معانتنا بعد ،ولم (تفهمونا) بعد…

عفواً هذا ليس شعراً، فقد طفح الكيل وبلغ السيل الذبى فإلى متى نصبر على فشل إدارتكم الإقتصادية التي ظلت تقودنا من فشل إلى آخر،ومن كارثة إلى أخرى..

هل شاهدتم منظر المتسولين والسائلين في المساجد عقب كل صلاة ،خارج وداخل المساجد من مختلف الأعمار والأجناس والأنواع، من الشباب والشابات والنساء والرجال والكهول والأطفال وفي الطرقات والأزقة والأسواق والأحياء،ومن كل السحنات..؟هل شاهدتم ذلك..

إنها الضائقة المعيشية الطاحنة التي لم تعد تحتمل وقد قاض الصبر وتبخر في الهواء مع الوعود وحديث البشريات من القمم الى السفوح ،هل تذكرون وعدكم بما أسميتموه بشريات إقتصادية قادمة؟!،وهل تذكرون حديث وزير المالية وتعهداته بعدم زيادة المحروقات والغاز والدقيق في موازنة 2016م؟، أو تذكرون تعهداته ووعود مجلس الوزراء في هذا الصدد؟ ..هل تذكرون حديث وزير المالية بأن السودان تجاوز صدمة إنفصال الجنوب؟ فهل تعني البشريات أن يصل الدولار أربعة عشر جنيهاً ويطمع في تخطيها؟أم أنها تعني زيادة اسعار الخبز، والسكر والغاز الذي بلغت زيادته نسبة 300% بقرار لم يتجاوز نشره وبثة ثوان، فأنتم تعدون شعباً كريماً حليماً أبي ..!! ربما أنكم لستم كاذبون ولكنكم فاشلون تصالحوا مع هذه الحقيقة وأقبلوها فإنها تعني نصف الطريق الى حل الأزمة…أعلم أنني كتبت اليوم بلغة إنفعالية تماشياً وإتساقاً مع الواقع المرير والمنحدر الخطير بغية أن تنتبهوا إلى الهاوية التي تسوقننا إليها وأنتم في غيكم سادرون.. . اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله،وثق أنه يراك في كل حين.

( منع من النشر)