الإثنين 5 سبتمبر 2022 - 19:57

قادتني الصدفة لمشاهدة مقطع (فيديو) عبارة عن مزاد علني لماعز بيطري عقد بمحجر بأحد أحياء أم درمان وحضره عدد من المهتمين، وتم بيع (العنزة) بمبلغ (١٧) مليوناً و(٣٠٠) الف أبو الزفت بالله شوف عنزة قيمتها سبعة عشر مليون بينما دية القتيل لاتتراوح (٣٣٠) الف جنيه .
ففي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار كل شيء في السودان حتى قيمة الحيوان ترتفع نجد أن قيمة الإنسان في تناقص، دية قيمتها لا تشتري سريرين من السوق ولا تمكنك من إمتلاك ثلاجة لعمل (الداندرمة)، فبالله ماذا يحدث ؟ هذه الدية تساوي مرتب شهر لدى الكثيرين من موظفي الشركات والمؤسسات لذلك استسهل القتل خاصةً في حوادث السير والمرور، من فرط ضعف الدية أصبحت حتى المركبات لا تكترث لأمر المارة ولاتمهلهم فترة لعبور الطريق بل ومن شدة فرط ضعف الدية أهملت الدولة حتى مسألة تحديد مواقع لعبور المشاة ورسمها بالبوهية البيضاء لتمكين المارة من عبور الطرقات بسهولة .
الغريب أن سعر أتفه ناقة أصبح يتجاوز (٨٠٠) الف ناهيك عن سعر مائة جمل هي الدية أما إذا أخذنا سعر الدية حسب إجماع جمهور الفقهاء والذين حددوها بنحو خمسة وثلاثين كيلو وسبعمائة جرام من الفضة فإننا نجد أن كيلو الفضة الواحد يتجاوز (٣٠٠) الف جنيه فأين الباقي إذن ؟؟
هل تدرون سادتي أن رسوم التأمين لشراء الماعز (٥٠٠) الف جنيه بينما الدية (٣٣٠) الف جنيه ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
مشكلتنا الأساسية أنه رغم تطور الجريمة وتناميها المطرد إلا أن تشريعاتنا مازالت أرضاً سلاح، لم تتطور لتواكب مدى خطورة الجرائم وتنوعها، حتى المنشورات التي يتوجب على رئيس القضاء إصدارها بين الفينة والأخرى لمراعاة حقوق المتقاضين وتحقيق العدالة نجدها بالكاد لا تصدر إلا في حقب متباعدة وبعد أن تفقد حقها، بإختصار من المفترض مراجعة دورية للمنشورات الصادرة والتي تتعلق بالغرامات والديات وذلك لمواكبة التطور والتنامي المطرد في الأسعار الذي تشهده البلاد بجانب ضرورة تحقيق الردع اللازم من العقوبة ومنع آخرين من إرتكابها .
إن استسهال أمر عقوبة الدية قاد كثيرين للإهمال في قيادة المركبات بل وحتى الأهمال في صيانة مركباتهم والتأكد من فراملها ومراعاة حقوق المشاة وأولويتهم في عبور الطريق .
لابد من تعديل المنشور الصادر بشأن الدية على الأقل يجب أن تصبح مواكبة للتطور والتضخم الذي يشهده الإقتصاد في الوقت الحالي .
أيضاً يجب أن تعدل اللوائح فيما يتعلق بالغرامات والكثير من الجرائم المستحدثة التي لم يتم تضمينها حتى الآن في القوانين، وناس تسعة طويلة ديل يجب أن يعاملوا معاملة (الحرابة) لأنهم دائماً ما ينفذون جرائمهم في أوقات عصيبة وطرقات ميتة يصعب فيها الاستغاثة وطلب النجدة لذلك بات من الضروري تضمين أولئك في اللوائح الجديدة بجانب ملاحظاتنا لضعف قوانين الأجانب وضعف لوائحه وتشريعاته وصدور احكام ضعيفة خاصة في حق الأجانب المتورطين في إرتكاب جرائم خطيرة .
كسرة ..
أدركوا الشابة سارة .. سارة في غيبوبة في العناية المكثفة وتعاني من نزيف حاد والطب ينتظر من أسرتها الفقيرة دفع أموال طائلة لإنقاذ حياتها .. الساعات تمر وفرصتها في الحياة باتت ضعيفة ولا حول ولا قوة إلا بالله ..