الخميس 8 سبتمبر 2022 - 21:05

(1)
متى سنصبح دولة؟ هذا السؤال يلِحُّ علي ويشِلُّ تفكيري ويقفزإلى ذهني، كلما ممرتُ بطرقات الخرطوم وشوارعها، ويثورذات السؤال عندما أرى أطفالاً أمام “كوم تراب” كأنه تلة عالية ينهشونه بـ (الدرداقات) ويحسونه على حفرٍعظيمة تفرقت في منصف شوارع الإسفلت ، وبعضها قد فاض بالمياه الراكدة الآسنة..حينها أجد الإجابة على السؤال، وأقول : سنصبح دولة حينما تعود الدولة إلى ترقيع الطرق بالإسفلت بدلاً عن إصلاحها بالتراب الذي لايصمد أمام حركة مرورالسيارات دعك عن الأمطارالتي تجرفه في دقائق معدودة..سنصبح دولة عندما نرسل هؤلاء الأطفال إلى المدارس عوضاً عن استخدامهم عمالة لإصلاح شوارع عاصمتنا بـ (الدرداقات) والتراب.
(2)
سنصبح دولة عندما تستعيد الدولة هيبتها، لكن السؤال الأكثر إلحاحاً: هل وجدت الدولة هيبتها حتى تستعيدها؟ إذا ضاعت هيبة الدولة وتلاشت بين السماسرة وتجار العملة والمستوردين و(الوراقة) والمضاربين والمهربين، وتسعةطويلة ، فكيف لها أن تستعيدها وهي لا تجدها أصلاً؟!!.
(3)
سنصبح دولة عندما ينجح الشعب في طرد الإنتهازيين وأحفاد عبد الله بن أبي سلول من مقدمة الصفوف، وعندما ينجح في تفكيك تحالف إمبراطوريات الفساد وشبكاته المنتشره مثل الأورام السرطانية في الجسدالسوداني المنهك.
(4)
سنصبح دولة حينما يصبح عندنا للعدالة وجه واحد وهوالصحيح، وعندما تصبح مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة لحماية أمن الشعب السوداني وليس أمن (أكابرمجرميها).. فمن خلال معايشتنا للواقع السياسي وساحته المتقلبة وأحداثه المثيرة، تترآى لنا مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة في القانون الجنائي السوداني كأنها حبة “بندول” تُعطى عند اللزوم لإسكات الصداع الذي يسببه الخصوم السياسيون أثناء الصراع والتنازع حول المواقع أو نحوه، وهذا المُسكن الساحر يتحكم فيه دائماً من تؤول له سلطة الاعتقال والتسلط سواءً أكان مدنياً أو عسكرياً…
(5)
في تجاربنا السياسية غالباً ما يشهد المسرح السياسي هدنة بين الخصوم، عندما تسود فيه لغة الحوار، ويتسع في هذه الفترة القصيرة هامش الحريات للإعلام والخصوم على حد السواء، والكل يتصنَّع الحرية والديمقراطية وسعة الصدر وتتمدد مساحات التراشق والمساجلات بين الفرقاء، وما أن تضيق الصدور بكثرة التراشق والمساجلات والمخاشنات وينتهي “شهر العسل” تلجأ الأيدي القابضة التي تتحكم في مفاصل السلطة إلى “حكاية” الجرائم الموجهة ضد الدولة “حبة البندول” لتسكين آلام الصداع الذي يسببه الخصوم السياسيون، والأقلام الحرة..
(6)
منذ أن تمت إجازة القانون الجنائي لسنة 1990 ظلت مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة “كرباج” لتخويف الخصوم، ومواجهتهم بتلك المواد التي تصل عقوبتها الإعدام، والمتهم الذي لا تصل إليه السلطة تطلق الأحكام الغيابية في مواجهته حتى وهو في منفاه الإجباري، وقد حدث ذلك للراحل الإمام الصادق المهدي مرتين، وياسر عرمان ومالك عقار، وعندما يأتي الخصوم إلى طاولة المفاوضات تسقط هذه الأحكام وتبدأ دورة جديدة من المهادنة وشهور عسل استثنائية إلى حين إشعار آخر، وهكذا علمتنا التجارب ومعايشة هذا الواقع البائس المتكرر…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة: ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619