الأحد 22 أغسطس 2021 - 10:56
حيدر المكاشفي: مرافعة لصالح الحكومة

بشفافية
مسكينة الحكومة لا تجد من يدافع عنها ويترافع الا القليل، ومن هؤلاء القلائل استمعت لمرافعة من أحدهم قدمها بين يدي جلسة أنس دار موضوعها الأساسي حول مشروعية تنظيم الاضرابات والوقفات الاحتجاجية وايقاف دولاب العمل، الغالبية العظمى كانت مع حق الاضراب والاحتجاج والتوقف عن العمل لتحقيق المطالب، أما هو فكان الوحيد الذي خالف رأيه المجموع، وقدم مرافعة ضد الاضرابات والوقفات الاحتجاجية، بحسبان أنها تعطل دولاب العمل وتشوش على الحكومة، فقال موجها حديثه لأنصار الاضرابات وأنقله هنا بتصرف مع الاحتفاظ له بجوهر حديثه..
قال المترافع عن الحكومة )أما إنكم ناس عجيبين، الواحد فيكم لما يكون عايز ينجز عملاً مهماً أو حتى غير مهم، أو عايز يرتاح بعد أداء عمل مضن أو عايز جو هادئ خالي من اي جلبة أو ضوضاء تقطع عليه حبل أفكاره وتشوش على صفاء ذهنه وتشتت تركيزه عندما يكون غارقاً ومنهمكاً في تفكير عميق يستغرقه في التدبر والتأمل والتخطيط لعمل مهم قادم، فإنه لا يحتمل صرير باب دعك عن صراخ اطفاله الذي يصدر عنهم وهم في لهوهم البرئ، فيصل به التوتر إلى مداه وتفلت اعصابه ويستشيط غضبا ويتطاير الشرر من عيونه فيندفع مثل الثور في مستودع الخزف وهو يرغى ويزبد ويصرخ في وجه آل بيته وأطفاله ولا يتورع من ضربهم ومطاردتهم وإن دعا الحال إلى طردهم خارج المنزل حتى يخلو له الجو فيرتاح من الجلبة والازعاج والنقة، ويعود إلى ممارسة ما كان فيه بعد ان يحصل على الهدوء المطلوب، ان كان نائما عاد لمواصلة نومه بكل ما يتطلبه النوم من هدوء وسكون، وان كان مستغرقا في التفكير والتخطيط وتقليب الاحتمالات والاختيارات وفحص البدائل وعقد المقارنات والمقاربات للخروج بأفضل القرارات التي تصب في صالح غد الاسرة ومستقبلها القريب والبعيد، وإن كان في حالة تفكر وتدبر، عاد إلى مواصلة تفكيره التخطيطي وتدبيره الاستراتيجي، وهو حين يغضب ويقمع آل بيته أو يضرب أطفاله أو يحرمهم من ممارسة حقهم الطبيعي في اللهو واللعب، إنما يفعل ذلك من أجلهم ويؤدي واجبه عليهم كرب للأسرة وراعٍ لشؤونها وولي أمرها والمسؤول الأول عن يومها وغدها ومستقبلها، ومصدر العجب فيكم هو انكم لا تراعون في ولية أمركم الكبرى الحكومة الذي تراعونه في أنفسكم، فالحكومة أيضا لا تحب الازعاج والنقة والثرثرة وكثرة الكلام، فالنقة والثرثرة تمحق النعمة وكثرة الكلام تذهب الوقار وتشتت الأفكار وتصرف الحكومة عن التفكير الجاد العميق في أحوال رعيتها الراهنة والحاضرة والتخطيط لمستقبلها، فبالله عليكم لا تنهوا عن فعل وتأتوا مثله، ترفضون الازعاج على أنفسكم وتمارسونه على الحكومة، تطلبون الهدوء والسكينة والاستكانة لذواتكم وتنكرونها على الذات الكبرى )الحكومة(، اعدلوا وانصفوا ودعوا الحكومة تعمل في هدوء بلا اي ازعاج، والا ستضطر كل مرة لتفعل بكم ما تفعلونه بأطفالكم بالحب ذاته والحجة ذاتها، رفعت الأقلام وجفت الصحف..فهل تراه كان موفقا في مرافعته أم أن مقارنته كانت ضيزى..