السبت 18 يوليو 2020 - 19:15
حديث المدينة | عثمان ميرغني
)العزابة يمتنعون(!!


عثمان ميرغني يكتب : تنافس محموم بين الأحزاب للحصول على أكبر قدر من “كيكة” حكام الولايات.. وحتى في الولايات “خيار وفقوس” هناك ولايات درجة أولى، وأخرى درجة أولى ممتازة.. و داخل الأحزاب تنافس بين عضويتها، بل أن بعض الأحزاب – ومن باب الشفافية- فتحت باب التقديم لمن يأنس في نفسه الكفاءة لشغل المناصب الدستورية والتنفيذية القادمة.. وعندما يعلن الولاة ستقيم أسرهم الولائم وتنحر الذبائح.. وننعم نحن في الصحافة بإعلانات التهنئة المباركة.
لا بأس؛ فلتوزع مناصب حكام الولايات على الأحزاب، فالمحاصصة الظاهرة أفضل وأبرك من المحاصصة الخفية، و”الواضح ما فاضح” لكن يجب على الحكومة أن تضع شرطا واحدا مهما لشغل منصب الوالي.
على الحكومة أن تشترط )الولاة “العزابة” يمتنعون(:
خلال سنوات طويلة في الماضي كان واضحا أن كل الولاة تقريبا )عدا والي الخرطوم( لا تقيم أسرهم معهم في نفس الولاية.. يسكن الوالي في أحياء الخرطوم الأنيقة ويترك أسرته هنا، ويدخل أطفاله أفضل مدراس العاصمة، ويسافر إلى الولاية “عزابي”.. يقضي في ولايته يوما أو يومين، ثم ما أسهل اختراع المهام التي تتطلب الحضور للخرطوم، فيقضى بقية الأسبوع مع أسرته، ويستمر الوضع إلى نهاية فترة حكمه، يدير الولاية برُبع قلب.. عدا حالة واحدة فقط هي الدكتور محمد طاهر ايلا.. الذي كان ظاهرة استثنائية، حسب الولايات التي حكمها كان يقيم في بورتسودان ومدني وكانت أسرته تقيم معه حيثما كان واليا. بينما في الوجه المقابل زميله البروفسير الزبير بشير طه ظل واليا على الجزيرة ورغم أنه من أبنائها مع ذلك ظلت أسرته بالخرطوم، فيتأرجح أسبوعيا بين المدينتين!
من المهم أن يدرك كل من تسول له نفسه الترشح لشغل منصب الوالي أنه سيسافر وينتقل مع أسرته إلى عاصمة ولايته، وسيدخل أطفاله المدارس حيث يحكم.
أعلم تماما أن هذا الشرط سيجعل الكثيرين يتنازلون عن الترشح لحكم الولايات )ما عدا حاكم ولاية الخرطوم(.. لكنه في المقابل سيغير كثيرا من مفاهيم الحكم الاتحادي، الذي حتى هذه اللحظة يتعامل مع الولاة على أنهم مجرد موظفين يمثلون المركز في الولايات..
نريد ولاة قادرين على السير في الخط الرفيع الفاصل بين الفيدرالية والكونفدرالية،، أن يضع خطة استراتيجية من أول يوم تجعل ولايته قادرة على استنهاض مواردها الذاتية لمصلحة اهل الولاية أولا ثم للسودان كله ثانيا..
ولاية مثل الشمالية، كثيرون يظنون أنها مجرد صحاري خالية من السكان والموارد والحياة، لكنها في الحقيقة تملك من الموارد الزراعية والمعدنية ما يجعلها قادرة أن تكون دولة كاملة الدسم لا تنتظر صدقات المركز.
أما ولايات دارفور الكبرى وكردفان الكبرى والنيل الأزرق وسنار والقضارف وكسلا فهذه كنوز ناهدة لا ينقصها إلا الإدارة الحصيفة لتتبرج بمحاسنها الجاذبة للسكان والاستثمار.
أخشى إذا اعلنت الحكومة مبدأ )العزابة يمتنعون( لاختيار الولاة.. أن يصدر بيان مجلس الوزراء بجملة واحدة )لم ينجح أحد!(..