الأحد 21 أغسطس 2022 - 15:21

إبراهيم الشيخ القيادي بحزب المؤتمر السوداني كتب (بوست) قبل أيام، يعترف بما تعانيه الأحزاب، و قال إنها ظلت تعاني من الاقصاء المتبادل والاحقاد والغبائن التي نقلوها هم اليها من الجامعات عندما كانوا طلابا، ما جعلها تعيش حالة صراعات طابعها التشفي الذي أشار إليه (بفش الغبائن) وهذه اسوأ أنواع الصراعات كما نعلم، وأشار إلى ان الأمر انعكس على ادائها وجعلها تفشل في تحقيق احلام الشعب، وحسب وجهة نظره كل المطلوب هو تنازلات من هنا وهناك ترأب الصدع وتبرئ الجراحات وتقيم عدالة انتقالية تفتح الطريق للحرية والسلام والعدالة والانتخابات وممارسة الديمقراطية.
كلام ابراهيم الشيخ أعجب عصابة حزب المؤتمر الوطني الساقط وخرج بعضهم يصفه بالشجاعة، لأنهم يعتقدون أن أي حديث عن التنازل يعني السماح لهم بدخول الملعب السياسي واعادة فرضهم على الشعب، ولذلك كلما تحدث احدهم عن تنازلات خرجوا يصفقون له ويصفونه بالشجاعة والوطنية التي لم يعرفونها.


ابراهيم الشيخ
نقول للسيد ابراهيم الشيخ، أولا يا خسارة العلم فيكم فهو لم ينهاكم عن الحقد والحسد والكراهية ولم يمنحكم الشجاعة الاخلاقية لتتصارعوا بشرف، ثانيا حديثك هذا يؤكد أن المشكلة الاساسية فيكم انتم كنخب سياسية أدمنت الفشل ولم تستفد من العلم، فالاحزاب مؤسسات يفترض ان لها مناهج تسير عليها وقيم تحكمها لا تتأثر بالمشاعر واهواء الناس وامراضهم النفسية، وبحديثك هذا تثبت أنها مثل المؤسسة العسكرية التي تركت منهجها وقيمها ومبادئها ومهنيتها وأصبحت رهينة لأهواء قادتها فتقاسمت معكم جريمة حرمان الشعب من أحلامه وتطلعاته، ثالثا حديثك هذا يؤكد انكم مازلتم كما انتم لم تتعلموا من التجارب ولم تستوعبوا كل الدروس المتكررة والقاسية.
السيد ابراهيم الشيخ اختصر أزمة السودان بكل (شربكتها وتعقيدها وضخامتها) في غبائن وأحقاد تعاني منها الأحزاب، ويرى أن حلها يكمن في مجرد تنازلات من هنا وهناك فقط، وفي الحقيقية، الأمر ليس بهذه البساطة، فمشكلة الأحزاب هذه يا سيد ابراهيم خلقت مشكلة أخرى اكبر لدى الشعب أراكم غير مهتمين بها، وهي انها جعلته يكفر بها فاصبح يكره حكمها كما يكره حكم العسكر ويخاف منها كما يخاف من العسكر، فهي كانت السبب في ان تضيع كل سنين الاستقلال دون فائدة، و قتلت ثلاث ثورات مع سبق الإصرار والتعمد كما ذكرت، وهذا يعني انها السبب الاساسي في الورطة التي وقع فيها السودان اليوم بعد أن أخرجه الشعب من مستنقع المؤتمر الوطني حزب العصابة الذي انتجه فشل الاحزاب ومكنه ثلاثة عقود، والأسوأ منها مشكلة العسكر الذين تبنوا استراتيجية ثابتة تعتمد على دعم هذه الصراعات وزيادة نيران الاحقاد والغبائن في الاحزاب لتستمر حرب) فش الغبائن والتشفي( الى ما لانهاية ليظل الضعف والفشل ممسكا بتلابيبها ويظلون هم في السلطة.
ثورة ديسمبر يا سيد ابراهيم الشيخ كشفت عمق المأساة التي تعاني منها جميع الأحزاب، فرغم أن الثورة قدمت لها السلطة في طبق من ذهب ومعها اطنان من الوصفات الناجعة للنجاح، الا انها فشلت وارتكبت نفس الخطأ للمرة الرابعة بسبب الاحقاد والغبائن، بل كان الخطأ هذه المرة اكبر بكثير والثمن غالي جدا كلف الشعب ما لا يمكن تعويضه.
العلاج الحقيقي يا سيد ابراهيم الشيخ ليس في تنازل الأحزاب عن احقاد وغبائن مزمنة تجاوزت عمرها السبعة عقود ونهشت ضمائرها وقتلت فيها المؤسسية والمبادئ وقيمة الاحزاب، بل في ان تبتعد عن السلطة تماما في الوقت الراهن، وان تدعم تشكيل حكومة مستقلة تماما لا تشارك فيها ولمدة تسمح لها بالتخلص من كل امراضها وإعادة تأسيس نفسها ولو استغرق الأمر خمس سنوات، حتى تثبت عمليا وبالدليل انها تغيرت، وحتى يجد الشعب الصابر الفرصة لتأسيس أحزاب جديدة يقودها الجيل الجديد الشريف النبيل الذي لا يشبه أجيالكم المريضة بالأحقاد والغبائن وليعلمكم التنافس الشريف.
خلاصة القول يا سيد ابراهيم الشيخ الاحقاد والغبائن هي امراض نفسية لا يمكن التنازل عنها بسهولة كما تعتقد فهي ليست خلاف طبيعي ينتهي بالتوصل إلى اتفاق، بل تحتاج الى مجاهدة النفوس، وكما تعلم جهاد النفوس أصعب انواع الجهاد، لذلك إن أردتم حل المشكلة اعتنوا بأنفسكم واعملوا على تغييرها وانتم بعيدين عن السلطة، فالله لن يغير ما بكم مالم تغيروا ما بأنفسكم، هذه قاعدة، وادعموا رغبة الشعب وشعارته فهي الدواء الحقيقي لمعالجة جراحاته ولا داعي لتعقيد المشكلة بتنازلات ترسخ لإنتاج مزيد من الغبائن والاحقاد، واتقوا الله ليجعل لكم مخرجا فالعلة فيكم انتم.




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619