الثلاثاء 30 أغسطس 2022 - 20:28

(1)

 حرّك فيني مقال استاذنا عادل الباز امس عن نقيب الصحفيين عبدالمنعم ابوادريس وفترة صحيفة (الاحداث) ذكرى تلك الايام الخوالي وتلك التجربة الصحفية الفريدة التى كان ابداعها وتميزها في انها جمعت كل الوان الطيف السياسي وقدمت للسودان تجربة تؤكد امكانية التعايش (السياسي) مهما كانت الاختلافات ، فالتعددية تبقى دائماً دليل نجاح، وليس معول هدم كما يظن المنغلقين على ذاتهم.

 الآن وأنا اراجع هذه السيرة انظر الى الخارطة السياسية فأجد (التنوع) الذي كان في صحيفة (الاحداث) هو الذي يسيطر على الموقف الآن – ليس الموقف (الاعلامي) وحده .. وإنما الموقف (السياسي) ايضاً.

 كيف اجتمعت كل هذه الامزجة على محبة ومودة في صحيفة واحدة؟

 الانتخابات الاخيرة لاختيار نقيب الصحفيين قدمت ثلاثة متنافسين على منصب النقيب من صحيفة الاحداث .. فقد تنافس على هذا المنصب كل من عبدالمنعم ابوادريس الذي فاز بالمنصب وايمن سنجراب الذي جاء في المركز الثاني ودرة قمبو التى حلت ثالثة في عدد الاصوات التى حصلت عليها في التنافس على منصب النقيب… هؤلاء الثلاثة كلهم كان يجمع بينهم اجتماع التحرير الصباحي في صحيفة الاحداث .. وكانوا يتناولون وجبة الغداء من (سفرة) واحدة .. وهم وقوف ثم يمضون في اخر اليوم (رفقة) الى بيوتهم ليتفرقوا في اخر الليل.

 تجربة الاحداث دائماً تعني عندي ان التعددية (قوة) والاختلاف (ميزة) والمحبة التى تقوم على تباين الافكار واختلافها تبقى اقوى وأفضل واخلد من المحبة التى تبني على تطابق الافكار وتوحدها.

(2)

 كان يمثل التيار الاسلامي في صحيفة الاحداث الاستاذ عادل الباز – لكنه للأمانة كان يترك لنا صحيفته ويهجرها احياناً للصحفيين ليتبادلوا في ادارتها وتحريرها بالكيفية التى يحددونها هم وليس الناشر ، لذلك اخرجت الاحداث كل هذه الكوادر والقيادات.

 منحنا الباز ثقة حد انه كان يمكن ان يغيب عن صحيفته لأكثر من اربعة شهور – دون ان يكون هناك مدير اداري او محاسب مالي فالصحفيون هم الذين كان يديرون صحيفتهم ويحاسبون عليها.

 تيارات سياسية متعددة في صحيفة الاحداث كان يمكن ان تحسب لأحزاب بعينها، كلها كانت ملتزمة بالمهنية دون النظر الى الخط الحزبي او اللون السياسي.

 قدمت صحيفة الاحداث تلك التشكيلة المتعددة الالوان .. فمنهم من يحسب للحزب الاتحادي ومنهم من يحسب للإسلاميين ومنهم من يحسب لحزب الامة ومنهم من يحسب لليسار .. كل هذه التشكيلة كانت توجد في صالة تحرير واحدة مساحتها لا تتعدى 4 في 4.

 يمكنكم الآن ان تعرفوا الوانهم السياسية اما عندما كانوا في صحيفة الاحداث فقد كانوا بعيداً عن هذه الالوان التى قد تكون متناقضة الآن .. جمعت الاحداث بين الشيخ يوسف وعثمان فضل الله ومزدلفة محمد عثمان وطلال مدثر ودرة قمبو وحسن فاروق وحمزة بلول وخالد فتحي ومحمد عبدالحكم وعمار عوض وبهرام عبدالمنعم وعادل عبدالرحيم ومحمد محمد عثمان ويوسف الجلال وعبدالمنعم ابوادريس وايمن سنجراب والهام مصطفى وإدريس عوض وجمال ادريس وكاشان ودكتور اسامة ومأمون التلب، وعلامة الاحداث وفاكهتها صلاح محمد خير.

 ولا انسى الذين صنعوا الاحداث بعرقهم وحبرهم وجهدهم .. سراج مصطفى وعائدة قسيس وعبداللطيف احمد وعلي الطاهر ومجاهد العجب ورندا بخاري وامير آدم ومعاذ كمبال وطلال طه واحمد مضوي واماني عقار و(انس والنشادر ومحفوظ) في الملف الثقافي و(عبدالملك التوم وسارة دوليب) في التصميم.

 وتبقى الراحلة عبير عبدالله في مكان لوحدها .. نسأل الله لها الرحمة والمغفرة… كما يظل الراحل انس فضل المولى ينحر الفؤاد كلما جاء ذكرى الاحداث بنشاطه وترجمانه البديع رحمة الله عليه.

 كان يكتب للأحداث في كل اربعاء الاستاذ فتحي الضو .. وكان يكتب لها كذلك القيادي ابراهيم الامين ومصطفى البطل وعبدالماجد بوب وعبيد مروح ورباح الصادق المهدي وناهد محمد الحسن ومنى عبدالفتاح ويكتب لها بشكل يومي الاستاذ عبدالله علي ابراهيم حينما كان مرشحاً لرئاسة الجمهورية.

 الاحداث كانت (نحلة) الصحافة السودانية بسبب جهد محرريها واجتهادهم .. فهم كانوا يقضون سحابة يومهم في الطرقات والمؤسسات ملاحقة للأخبار.. وكانوا باختلافاتهم السياسية والفكرية يخرجون صحيفة مختلفة الوانها …في مواد صحفية اقرب الى (الشهد).. كانت الاحداث كذلك مثل النحلة فعلاً ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ).

 هكذا كانت الاحداث.

(3)

 الاحداث لم تضع بصمتها في الاعلام فقط .. وضعت صحيفة الاحداث بصمتها في (تجمع المهنيين) عبر انشط كوادر التجمع خالد فتحي في البدء ثم حسن فاروق الآن. ووضعت الاحداث بصمتها في وزارة الثقافة عبر حمزة بلول .. وسياسياً ينشط بشكل اعلامي كبير عثمان فضل الله و درة قمبو وعبدالحكم.. وثقافياً نجد طلال مدثر وسراج مصطفى ومأمون التلب ويظهر عبدالمنعم ادريس ليضع بصمته في النقابة بعد احتجاب دام لأكثر من 33 سنة. .

 لن اتحدث عن نجاحات الاحداثيين اسفيرياً وفضائياً .. لأن هذا الامر يحتاج لمقال اخر.

(4)

 بغم /

 رهاننا على الاحداثيين رهان على الحاضر والمستقبل .. ليس هو رهان على التاريخ والماضي.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619