الثلاثاء 24 أغسطس 2021 - 20:21
الطاهر ساتي: كان طائشاً..!!


:: بعد سبع سنوات من الحظر، رفع بنك السودان الحظر عن التمويل العقاري.. قرار الحظر كان طائشاً، و إن كان ظاهره مراداً به إصلاح الاقتصاد، إلا أن الأيام كشفت بأن هذا الحظر كان محض غطاء لممارسة فاسدة .. بعد حظره للتمويل العقاري بأشهر، سمح بنك السودان للبنوك بتمويل ما أسموه بالإسكان الفئوي، بواسطة الصندوق القومي للإسكان ..وكانت الفئات المستهدفة بالإسكان الفئوى – وتمويله المصرفي – هي المغتربين وأساتذة الجامعات..!!
:: أي ما لم تكن مغترباً أو أستاذاً بالجامعة، فلن تحظى بالاستثناء من قرار حظر التمويل..وما لم يكن صندوق الإسكان وسيطاً – يعني سمساراً – بينهما و البنوك، فلن يحظى الأستاذ الجامعي والمغترب بهذا الاستثناء .. وكثيراً ما سألت، إن كان هذا الوسيط يعمل مجاناً، فلماذا ترهقه الحكومة بمنع التعامل المباشر ما بين الأستاذ والجامعة والبنوك ؟ وإن لم يكن يعمل مجاناً، فلماذا ترهق الحكومة المغترب والأستاذ بدفع أتعاب الوسيط بجانب أرباح البنوك ..؟؟
:: ثم ذكرناهم بأن الأنظمة الراشدة لم تعد تبني البيوت للناس، بل ترفع يدها عن سوق البناء لتتحرك الشركات والمصارف وتنشط وتبني وتملك المواطن المنزل المناسب بالتمويل المناسب، أي حسب استطاعته ودخله الشهري.. ولكن هنا، كما في كل الدول المتخلفة، تتاجر الحكومة في الأراضي، وكذلك جهاز الضمان الاجتماعي )يسمسر فيها( بأموال المعاشيين، بحيث يصبح سعر المتر المربع في الشقيلاب مساوياً لسعر المتر المربع في شيكاغو..!!
:: وبعد ذلك، تنتقل الحكومة إلى )مواد البناء(، وتثقلها بالرسوم والجمارك والأتاوات، حتى يعجز المواطن عن إمتلاك مأواه ..وعندما حظر بنك السودان التمويل العقاري، إستبشر البعض رغم تأثر قطاع المقاولات بالحظر، وذلك على أمل أن توجه المصارف أموالها لتمويل الزراعة والصناعة ..ولكن رغم مرور خمس سنوات على القرار في عهد المخلوع، لم يدرس بنك السودان آثار القرار بحيث نعرف الفوائد والخسائر..!!
:: هل إرتفعت نسبة التمويل الزراعي بعد حظر التمويل العقاري؟، وهل زادت حصة التمويل الصناعي؟، ثم ما هي مخاطر قرار الحظر على قطاع المقاولات والشباب ؟، وكيف يجب مكافحة المخاطر؟.. للأسف، لم يدرسوا قرار الحظر و آثاره ..وعلى سبيل مثال للآثار السالبة، هناك ضحايا كبدتهم شركات التمويل الوهمية الخسائر، وما هؤلاء إلا ضحايا قرار حظر البنوك عن التمويل العقاري، أي هم بعض المتأثرين بقرار منع البنوك عن تمويل العقاري..!!
:: شركات التمويل دائماً ما تكون محكومة بقوانين الدولة، وتعمل تحت رقابة أجهزة الدولة.. ولكن في بلادنا، تفاجأ الدولة وأجهزتها بأسواق المواسير بعد وقوع الضحايا.. بنك السودان لم يكن يتحقق من المقدرة المالية لشركات التمويل، ولم يكن يعلم إجراءات التمويل والأرباح، أي لم يكن له سلطة رقابية..وكذلك وزارة العدل، لم تكن تعلم محتوى العقود التي يوقع عليها المواطن مع شركات التمويل الوهمية، و إن كانت العقود قانونية و تحفظ حقوق الطرفين أم لا ..؟؟
:: لم يكن عدلاً ترك مصائر الناس لشركات تمويل غير مسؤولة وتعمل خارج سلطات الرقابة العدلية والمصرفية.. وعلى كل، لقد أحسنت الحكومة عملاً بإلغاء قرار حظر البنوك عن التمويل العقاري، ليس فقط لأن الحظر والمنع من سمات اقتصاد الدول المتخلفة، بل بجانب تنشيط قطاع المقاولات، عسى ولعل يجد بعض ذوي الدخل المحدود ملاذات آمنة، بتمويل آمن .!!