السبت 9 أكتوبر 2021 - 22:30

مواطن : يتعين على ابراهيم الشيخ الاستقالة فورا بعد هذه التصريحات
معلمة : إذا فرض الموالون للعسكر رؤيتهم فلن يكون هناك مجال لهذه النقاشات التي تتبرج الآن
تحقيق : فتحي البحيري
1
يقول العم سعد خير الدين الموظف المعاشي بمدينة الثورة لصحيفة )الجريدة( إنه وعلى الرغم من أن مسألة الخبز قد أخذت أبعاداً جديدة خلال الأشهر الماضية في ظل فشل الجميع بما فيهم لجان المقاومة في السيطرة على عملية توزيع الخبز المدعوم في معظم الأحياء وصارت نسبة مقدرة من المواطنين يتناولون خبزهم إما بالسعر التجاري أو بشق الأنفس وعزفت نسبة أخرى عن تناوله بالكلية مستعيضة عنه ببدائل لا تقل عنه صعوبة وتكلفة إلا أنه يهدّد الآن بمعاودة “التعزز” والاختفاء فإلى أين يقودنا الاستهتار المتفق عليه بكرامة هذا المواطن السوداني البسيط العزيز الأبي على حد تعبير العم سعد ؟
وتأتي إفادة سعد لصحيفة )الجريدة( على خلفية ما نشرته الشرق الأوسط مؤخراً : قال مسؤول حكومي رفيع بالسودان إن المخزون الاستراتيجي من الدقيق يكفي لأربعة أيام فقط، وتوقع الوصول إلى اتفاق بفتح الطرق وميناء بورتسودان خلال الساعات المقبلة. ومنذ نحو ثلاثة أسابيع يغلق أنصار ناظر قبيلة الهدندوة مرافق وطرق حيوية في شرق البلاد للمطالبة بإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام وحل الحكومة المدنية وتسليم الحكم للعسكريين، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.وحذر مجلس الوزراء من تداعيات عملية الإغلاق الممتدة على مخزون السلع الاستراتيجية والوقود والأدوية. ونقل موقع »سودان تريبيون« عن وزير الصناعة إبراهيم الشيخ القول إن »المخزون الاستراتيجي من الدقيق يكفي لأربعة أيام«، وتوقع فتح ميناء بورتسودان والطرق المغلقة خلال الساعات المقبلة. وأوضح أن الإغلاق أثر على حركة النقل بشكل أساسي وكبير. وكشف عن أن غالبية السلع دخلت مرحلة الندرة والنفاد الكامل، وقال: »وارد جداً أن تحدث أزمة خانقة جداً لو استمر الإغلاق أكثر من ذلك«.
اعلنت مخابز في الخرطوم واعتبارا من اليوم اسعار جديدة للخبز التجاري نسبة لندرة وارتفاع اسعار الدقيق وتم تحديد سعر الخبز ب )50( جنية للقطعة مع وعد بتخفيض الاسعار حال حدوث انفراج.
وبحسب سعد فإن تصريحات مثل هذه يجب أن تعقبها استقالة هذا الوزير وكامل الطاقم الحكومي الذين فشلوا في كل شيء ونجحوا فقط في إذلال السودانيين وإفقارهم مزيدا واختلفوا على كل شيء ولم يتفقوا إلا على سن مزيد من السياسات المرهقة لكاهل هؤلاء السودانيين استئنافا لما بدأه النظام المخلوع من الإجهاز على الشعب بأكمله فيما يبدو
2
وقبل ذلك بأيام قليلة تظاهر العشرات من الطلاب في مدينة عطبرة وأشعلوا إطارات سيارات، احتجاجا على تردي الأوضاع التعليمية والمعيشية في المدينة. وردد المتظاهرون هتافات منها: “لا تعليم في وضع أليم”، و “لا خبز ولا رغيف.. لا لا للجوع”. وقال الناشط السياسي ياسر عبد الله، إن “طلاب المدرسة الصناعية في مدينة عطبرة تظاهروا احتجاجا على تردي الأوضاع التعليمية”. وأضاف “عند قدوم الطلاب إلى مدرستهم وجدوا إضرابا للمعلمين فتضامنوا معهم بالخروج في تظاهرة توجهت نحو سوق المدينة”وأشار إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية ألقى بظلاله على المعلمين الذين يطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية من أجل تهيئة بيئة مناسبة للتعليم. ومن جانبه، قال الناشط عمر مكي من مدينة عطبرة إن المدينة تعاني منذ أيام من ندرة الخبز، إضافة للأوضاع المعيشية المتردية. وأن الطلبة خرجوا في التظاهرة للمطالبة بتحسين الظروف المعيشة وإنهاء أزمة الخبز بالمدينة.
وبحسب العم سعد فإن الخلافات التي تحتدم الآن داخل السلطة الانتقالية يتم تعظيمها إعلاميا بهدف ترسيخ معيار واحد هو خضوع السلطة للمدنيين وهو معيار جيد ومهم إلا أن هذا التعظيم يتم للأسف على حساب معايير أخرى لا تقل أهمية وضرورة على رأسها الشفافية ومحاربة الفساد حيث نجد أن الأطراف المتصارعة تكاد تتفق في التغاضي عن الفساد بل والولوغ فيه حتى النخاع ومحاربة أي اتجاهات لكشفه والمحاسبة عليه. ومن هذه المعايير المظلومة أيضا أن السلطة الانتقالية يجب أن يكون همها إشعار المواطن بأن الحرية والديمقراطية تنعكس إيجابا لا سلبا على أوضاعه المعيشية والاقتصادية واستيفائه لفرص عادلة في التوظيف داخل القطاع الحكومي أو خارجه ومن المعايير المظلومة كذلك أن الوظائف السياسية يجب أن تتساوى في رواتبها ومخصصاتها ومميزاتها مع وظائف الخدمة المدنية الأخرى حتى لا يحس الناس أن المسؤولين ينفصلون عن معاناتهم ولا يحسون برهقهم وقد ضربت سلوكيات السلطة الانتقالية بأطرافها المتنازعة جميعها عرض الحائط بكل هذه المعايير التي كان من شأنها لو تجسدت أن تحدث التفافا أكبر بكثير مما هو حاصل الآن حول معيار خضوع السلطة للمدنيين.
3
وعلى النقيض من العم سعد ترى اساور الأمين – معلمة – أن الازمة الاخيرة أو المفتعلة كما تصفها هي وثيقة الصلة بالصراع الحالي في السلطة الانتقالية فإغلاق الميناء على حد تعبيرها سبب واضح ومباشر لهذه الأزمة وهذا الإغلاق تسببت فيه القوى المؤيدة للشق العسكري وهي لم تستح من إظهار ذلك التأييد على بلاطة وربطت فعلتها التي وصفتها أساور بأنها ترقى إلى الجريمة مكتملة الأركان ضد الانسانية والوطن والمواطنين واستغربت من الذين يلومون المسؤولين المدنيين على هذه الأزمة بعد كل هذه الدلائل والقرائن واستدركت أنها لا تعني بأي حال من الأحوال أن المسؤولين المدنيين بلا أخطاء أو أوجه قصور ولكن الأزمة الحالية أزمة مفتعلة لأهداف سياسية خلاصتها هي تضخيم هذه الأخطاء فلماذا نساعد على هذا “التزوير” بسفسطات لا علاقة لها بما تتطلبه هذه اللحظة التاريخية من تكاتف لتثبيت السلطة المدنية من حيث المبدأ وكل المعارك الأخرى بما فيها معركة المعيشة ومعركة الشفافية والأداء الحكومي المثالي قابلة للتأجيل لما بعد هذه اللحظة لأنه – حسب أساور – إذا لا قدر الله انتصر العسكر في فرض رؤيتهم لما يجب أن تكون عليه السلطة فإننا سنكون في وضع لا يسمح من خلاله بعشر النقاشات التي تتبرج في الميديا والصحف الآن .. “الناس تبقى واعية وترتب أولوياتها يا جماعة”
4
السني عثمان – اعمال حرة – يقلل في إفادته لصحيفة )الجريدة( من احتمالية حدوث أزمة حادة في الخبز في الفترة القادمة لعدة أسباب ذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أن الخلطة الحالية للخبز المدعوم بها نسبة من الفتريتة والتي هي مكون محلي لن يتأثر بالإغلاق كما أن نسبة المواطنين الذين لا زالوا يعتمدوا على الخبز المدعوم لم تكن كما في السابق والسبب الثالث بحسب عثمان هو أن المواطن العادي صار واعيا بما فيه الكفاية للمؤامرات وسوف لن يستجيب لظنون الفلول على حد تعبيره ويثور على الحكومة المدنية بسبب الخبز مهما حصل ومن جانبها تقول عائشة الصديق عمر – ربة منزل – لصحيفة )الجريدة( إن الضائقة المعيشية والغلاء المتصاعد وضعف القدرة الشرائية لدى غالبية المواطنين يجعل من الصعب أن تحدث أزمة بسبب انعدام سلعة أو ندرتها مهما كانت بما في ذلك الخبز نفسه .. “الناس بقت مشكلتهم يا ولدي ما وجود السلع من عدمها .. بقدر ما بقت عجزهم عن شرائها” والحديث عن ظلال سياسية وراء هذه الازمة هو حديث مترفين على حد تعبير عائشة .. فالمؤامرة السياسية الكبرى حصلت وانتهت وبتواطؤ جميع الاطراف المتصارعة الآن وتم نهب 90 في المائة على الأقل من قدرتنا على العيش والحياة خلال السنتين الماضيتنين وهذا اعتبره استئناف واستمرار لما كان يفعله بنا نظام البشير البائد وما حدث لنا خلال 32 سنة جعلنا في وضع لا نتأثر به بأي أزمات معيشية جديدة بحسب عائشة عمر.
5
العم سعد خير الدين يصر في حديثه لـ)الجريدة( على ربط المسألة بقضايا جوهرية في تقديره هي فساد الشراكة التي كونت السلطة الحاكمة وفساد السلطة الحاكمة بشقيها إداريا وماليا .. ويرفض تمييز المدنيين أو تبرئتهم أو تأجيل إدانتهم باي ذريعة من الذرائع لأنهم على حد تعبيره تسببوا في إعطاء الفرصة للمكون الآخر ليفعل كل ما فعل بنا خلال العامين المنصرمين ولولا فساد هذه الشراكة منذ البداية لأمكن بتر عصابات النظام البائد المتحكمة داخل السوق وداخل أجهزة الدولة مبكرا ولم يكن هناك أي مجال لهذه العصابات لتمكر أو لتتآمر ولولا الفساد المالي والإداري لما كان من الممكن أن يفتقر جهاز الدولة حتى هذه اللحظة لأنظمة الكترونية تضبط عمليات الدعم لمختلف السلع الاساسية أسوة بدول العالم من حولنا .. والمسؤول الذي ظل يحل في موقع معين خلال السنتين الماضيتين ظل تنقصه الأهلية والكفاءة لأن معايير اختياره لهذا الموقع أصلا مختلة .. “الجماعة تحاصصوا في المواقع السياسية العليا قلنا ماش .. قاموا حتى في مواقع الخدمة المدنية يتحاصصوا .. وهذا كان قبيحا ومؤلما وكل ما تعانيه هذه الحكومة الآن هو نتيجة لهذه الفسالة – على حد وصف سعد – وهذه الزلعة الحزبية المقرفة” وهكذا مسؤول إذا جاءته مشروعات تحديث وحوسبة لعمل المصلحة الحكومية التي وجد نفسه على رأسها فجأة لن يكون في وضع يسمح له بالتجاوب معها أو الاطمئنان إليها بالإضافة إلى أن غالبية هؤلاء المسؤوليين انزلق بسهولة لاشباع رغباته ومصالحه الخاصة وما يجب المحافظة عليه بعدم تعريضه لعدالة الانظمة الالكترونية بحسب العم سعد خير الدين.