الثلاثاء 1 مارس 2022 - 18:37
احمد يوسف التاي يكتب: الاتحاد الأوروبي والخرطوم


)1(
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي مارس ضغوطاً على الخرطوم، وذلك لانتزاع موقف علني يدين الاعتداء الروسي على أوكرانيا وقد ينجح في ذلك في مقبل الأيام، وفي سبيل الحصول على مبتغاه ، ومن أجل استجلاء موقف الخرطوم الذي بدا غامضاً للغرب أطلق سفراء الاتحاد الأوروبي في مذكرتهم للخارجية السودانية، وفي تصريحات رئيس وفد السفراء الأوروبيين تهديداً مبطناً وتحذيراً واضحاً لكن لغة الدبلوماسية المعهودة هي ما خفف وطأة التهديد والتحذير..
)2(
في مثل هذه الحالات التي تشهد نزاعاً بين الأنظمة في كل العالم يحدث الانقسام في المواقف والاستقطاب والاصطفاف بين الدول، ويسعى الكل للاستقواء بالكل لتعزيز موقفه، الذين هم في حلبة الصراع أو القريبون منها يريدون من الدول والحكومات أن تختار فقط بين موقفين، فإما مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك… الاستقطاب والاصطفاف وطلب دعم المواقف سواء بالحسنى أو بالضغط لا يكون إلا من خلال اتصالات سرية أو محادثات مغلقة، ولكن ما حدث مع السلطات في الخرطوم لم يكن كذلك فقد كان على الملأ وفي الهواء الطلق وبدون أية مواربة، فكأنما المقصود هو نسف ما تحقق من اتفاقيات في زيارة نائب رئيس المجلس السيادي حميدتي، وفضح الموقف الذي عبر عنه الأخير لإحداث أي نوع من الحرج وما يُفهم من تراجع عما تم بين الخرطوم وموسكو….
تصريحات رئيس الوفد والمذكرة تفيدان أن الاتحاد الأوروبي يريد من الخرطوم أن تدين الاعتداء الروسي جهاراً وبلغة واضحة، وقد أبدى رئيس الوفد روبرت فان اهتماماً واضحاً بإعلان الموقف السوداني، وتعشم أن يكون داعماً ومسانداً لمجموعة الدول المناهضة للاعتداء الروسي.. ومهما يكن فإن استجلاء الموقف السوداني بهذه الطريقة وتحت وطأة التهديد أمر يعطي إنطباعاً غير جيد وينم عن مكيدة، ولو أن ذلك تم بطريقة غير هذا السفور لكان أخف وطأة.. أما الطبيعي هو أن ترفض الخرطوم الإعتداء الروسي دون إملاء من أية جهة، ودون الحاجة إلى ضغوط أو تهديد مبطن…
)3(
الحقيقة التي لا تقبل الجدل هو أنه لولا زيارة نائب رئيس مجلس السيادة في هذا التوقيت غير المناسب إلى موسكو وإبرام معها كل تلك الاتفاقيات لما التفت أحد إلى استبيان الموقف السوداني ولما حاز أصلاً على الاهتمام الأوروبي… فالمقصود بهذا كله روسيا أكثر من السودان لبعث رسالة لها مفادها : )أن الذي قدمت له الدعوة لزيارتك وأبرمت معه الاتفاقيات واستقطبتيه في أول الطريق، ها هو قد تنصل عنكِ وأدان اعتدائك وقد أخذناه من بين يديك، ليكون لمن خلفه آية، وليعلم العالم كله أينا أقدر على استقطاب الدول وسحب البساط من تحت أقدام الآخر… وفي النهاية أن الزيارة التي جاءت في التوقيت الخاطئ هي التي فتحت هذه الثغرات وعرضت سمعة البلاد وهيبتها إلى التدخل السافر من السفراء الأوروبيين.
)4(
الدول التي تُدار بالحكمة والحنكة والدهاء تتجنب مثل هذه المواقف الحرجة وتحسب كل خطواتها بدقة، وتقف في الحياد بالقدر الذي يكون فيه الحياد مطلوباً بشدة، ورجال الدولة الدهاة الأذكياء هم من يزنون كلماتهم بميزان الذهب فلا تخرج منهم عبارة أو كلمة تكلف البلاد ثمناً باهظاً، ولا يتصرفون تصرفاً يرتدُّ إلى نحر الدولة…… اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.




ــــــــــــــــــ
الحديبة نيوز
.....‏
للاعلان بهذه المساحة واتساب
0919496619